فالحديث عن حياة أي إنسان، وما خلفه من تراث أو ذكر أو مقام. .. يستلزم الإلمام بمصره، والبيئة التي نشأ فيها، والظروف التي واكبته من البداية إلى النهاية، وأبرز أحداث وقته، ومكونات شخصيته وثقافته، والتيارات الموجهة لتفكيره، والحوافز التي حفزته إلى إنجاز ما أنجزه من إنتاج علمي، أو ما قام به من عمل أو ترحال ... ليتأتى بذلك تحديد مكانه بين أهل زمانه، وإعطاء صورة مكتملة عنه، إلا أن تناول، هذه الجوانب كلها؛ بالنسبة لأبي العباس (أحمد الونشريسي)، تكاد تكون -مع الأسف- من ضرب المستحيل- ما دام المؤرخون وأصحاب التراجم أبوا إلا أن يغضوا الطرف تماما عن جل هذه النواحي لسبب أو لآخر! ! مع أن أبا العباس لم يكن من أولئك المغمورين؛ حتى ينسى أو يتناسى، إذ واجه أحداثا سياسية خطيرة، كان ينبغي الوقوف معها طويلا، بالإضافة إلى تنقلاته، وحياته العلمية الخصبة التي دامت: زهاء ثمانين عاما.
ورغم ذلك فعلى ضوء ما هناك من لمحات تاريخية، وإشارات عابرة، يمكن لنا تقسيم العصر الذي عاشه إلى فترتين: