للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣ - آثاره:

عاش أبو العباس نحو ثمانين عاما -وقد عكف خلال هذه الحقبة الطويلة علي الدرس وتحصيل العلوم المختلفة، وخالط شيوخ العلم وأئمة المعرفة- في المغربين- الأوسط والأقصي, كما أفاد من المكتبات التي اطلع عليها في كلا القطرين سواء منها العامة (١) والخاصة، (٢) وأقبل علي تأليف الكتب العديدة، وأكثرها في الفقه المالكي، ويذكر لنا بعض معاصريه وصفا دقيقا عن الحياة الصوفية التي عاشها أبو العباس في محراب التأليف فيقول: "كانت كتبه كلها مورقة غير مسفرة وكانت له عرصة يمشي إليها في كل يوم -ويجعل- (يأخذ) حمارا يحمل عليه أوراق الكتب، في كل كتاب ورقتين أو ثلاثا، فإذا دخل العرصة جرد ثيابه، وبقي في قشابة صوف يحزم عليها بمضمة جلد، ويكشف رأسه، وكان أصلع، ويجعل تلك الأوراق على حدة في صفين، والدواة في حزامه، والقلم في يد، والكاغد في أخرى، وهو يمشي بين الصفين يكتب النقول من كل ورقة،


(١) وقد اعتكف طويلا بخزانة القرويين التي كانت مورد الباحثين والدارسين عبر عصور التاريخ، انظر (أزهار الرياض) ج ٣ ص: ٣٦.
(٢) ومن أهم الخزائن التي أفاد منها كثيرا، خزانة تلميذه محمد بن الغرديس قاضي فاس، وهي من الخزائن التاريخية بالمغرب. انظر فهرسة المنجور ص: ٥١ - ٥٢.