الحمد لله حمدا يليق بجماله وجلاله, والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه
إن من نعم الله الكبرى على الأمة الإسلامية، تكريمها بالرسالة المحمدية، الخاتمة للشرائع السماوية, الجامعة للمصالح البشرية, الواردة بالأصول الكلية -لطفا منه سبحانه ورحمة بعباده- لتستنبط منها الأحكام الملائمة لكل جيل وبيئة، تاركة المجال فسيحا لذوي المؤهلات الاجتهادية، مواصلة التشريع الفرعي والجزئي لكل نازلة. وإيجاد حلول شرعية لمختلف القضايا المتجددة، في نطاق النصوص الكلية للشريعة السمحة، دون الخروج عن أهدافها العامة، ومقاصدها السامية.
وقد طبق -عمليا- خدام الشريعة هذه المنهجية السليمة عبر المراحل التي مر فيها الفقه الاسلامي، الذي بلغ القمة في عهد الأئمة الكبار، انطلاقا من ظهور مدارسه التي تبلورت إلى مذاهب، كل له منهاجه في الاستنباط، وتلاميذه وأتباعه، يمدهم بالرواية والدراية الفقهية, ويدرس النوازل الواقعة، بل منهم من تناول الفرضية منها، والكل يستنطق الينبوع الأساسي للتشريع الإسلامي کتاب الله أولا، وسنة رسول الله -ثانيا، ثم المصادر الأخرى- ثالثا. وهنا اختلفت الآراء إلا أن الاختلاف لم يكن -في الواقع- في ذات الدين، ولا في لب