انسحب التشريع الإسلامي من ميدان القضاء، إلا فيما يسمى بالأحوال الشخصية، وترك المجال فسيحًا - قهرًا - للقانون الفرنسي في بعض البلدان، وللقانون الإنجليزي في بعضها الآخر.
ولقد حاولت كثير من الدول الإسلامية - بعد أن من الله عليها بالاستقلال - أن تشرع قانونا يلبي احتياجاتها، وضمنته كثيرًا من الأحكام الفقهية؛ إلا تلك التشريعات جاءت على وتيرة الأسلوب الغربي - غالبًا - بحيث لم تتضمن القواعد الفقهية الإسلامية - كمواد تشريعية إلا نادرا، واستثناء من هذه الحالة، نجد بعض التشريعات الحديثة تضمنت قواعد فقهية بنفس الصيفة التي صاغها بها الفقهاء؛ ولعل أول محاولة - من هذا النوع - بدأت بإصدار مجلة الأحكام العدلية، في عهد الدولة العثمانية سنة (١٢٨٦ هـ) لكانت شبه قانون مدني، يحتوي على (١٨٥١) مادة، تتصدرها (٩٩) قاعدة من القواعد الفقهية، في شكل مواد ذات أرقام متسلسلة كالقوانين الحديثة، ثم صدر مرسوم سنة (١٢٩٣ هـ) يلزم العمل بها، وتطبيق أحكامها في محاكم الدولة؛ وبذلك أصبحت المجلة قانونًا مدنيا عاما منتخبا من الأحكام الفقهية، (٤٠) تتوجه القواعد الفقهية بصيغها المأثورة.
(٤٠) انظر "المدخل الفقهي العام" ج ١ - ص: ٢١٠ للدكتور مصطفى أحمد الزرقاء - المطبعة التاسعة. مطبعة طربين - دمشق سنة ١٣٨٧ هـ - ١٩٦٨ م.