للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإِسلامية الصحيحة، وتوضيح مزاياها في إصلاح المجتمعات الإسلامية بصفة خاصة، والمجتمعات الإنسانية عامة.

وربما كان من دواعي هذه الحركة الإصلاحية -أيضًا- بروز ظاهرة التبشير التي واكبت الغزو البرتغالي والإسباني، وبتعبير أصح، الحروب الصليبية التي استهدفت المغرب العربي، (٦٦) وجعلت تغزوه ماديا ومعنويا، فتوجس المصلحون خيفة من هذا التبشير، الذي صار يسحر بمغرياته -المتنوعة- الأعمى والبصير.

وممن تبنى هذه الدعوة الإصلاحية -بالمغرب- أبو محمد عبد الله الهبطي (ت ٩٦٣ هـ- ١٥٥٥ م (٦٧)) الذي أعلنها حربا شعواء على الجهل والضلال، بمختلف الوسائل، فألف عدة رسائل، شرح فيها عقيدة المسلم، مجردة عن البراهين والدلائل، وبسطها بسطا يفهمها الكبير والصغير، ولم يكتف بالقلم فقط، بل قام بمحاربة البدع والمنكرات عمليا، وظل ينتقل من بلد لآخر يعلم الناس شؤون دينهم، ويحذرهم من عواقب التفريط في شريعتهم، والبدع التي امتزجت بحياتهم، واقتحمت بيوتاتهم، وأسواقهم ومعاملاتهم، وكل مجالات حياتهم، حتى أنستهم تعاليم شريعتهم "فنفع الله به خلقا كثيرا، وطهر -البلاد- في أكثر الجهات- من رجس البدع والضلالات (٦٨) " "لأن


(٦٦) انظر بحث الأستاذ المنوني الآنف الذكر.
(٦٧) انظر (دوحة الناشر) ص: ٧ - ٨.
(٦٨) (مقنع المحتاج) لابن عرضون، مخطوط الخزانة المنامة بالرباط رقم: (١٠٢٦ ك) و (دوحة الناشر) ص: ١٢.