للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من خلال هذه المعاني اندفع العلماء إلى الجهاد بعزائم قوية، وصاروا يواجهون الشدائد بقلوب ثابتة في ساحة الوغى بعد أن بذلوا ما في وسعهم في الحض على الجهاد والترغيب فيه، وألفوا في ذلك تأليف حماسية رائعة، وتنافس الخطباء والوعاظ في إيقاظ همم الشعب، ونظم الشعراء والأدباء دررا من القصائد. وممن ألف في ذلك وأفاد، وأكثر في نظم القصائد وأجاد: أبو عبد الله محمد بن عبد الرحيم بن يجبش التازي (ت ٩٢٠ هـ (٧٤)). وأبو عبد الله محمد بن يحيى البهلولي (ت ٩٣٦ هـ (٧٥))، وغيرهما ممن بينوا مزايا الاستشهاد في سبيل الإسلام والوطن، ونبهوا العوام أن مناط النجاة -في الإسلام- ليس مجرد الانتساب إليه، بل يجب أن تظهر آثار تعاليمه على معتنقيه في أحرج ساعات الضيق والشدة، ولي أوقات رفاهية النفس ... وضربوا أروع الأمثلة بأنفسهم، فقاتلوا وقتلوا وأسروا وأُسروا، وبذلك أدوا الرسالة المنوطة بهم- رحمهم الله.

وفي شأن هؤلاء وغيرهم يقول الناصري: "فكم من رئيس قوم قام لنصرة الدين غيرة واحتسابا، وكم من ولى عصر، أو


(٧٤) (أضواء عن ابن يجبش التازي) ص: ١٢٣ - ١٥٣.
(٧٥) (الدوحة) ص: ٤٥ - ٤٧، والاستقصا ج ٤ ص: ١١٢ - ١١٣.