للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن هذه البيانات الدقيقة، وإزاء هذه الصورة الكاشفة عن خبايا كثيرة، والنبذة المشرقة التي يقدمها لنا هذان العالمان -وهما شاهدا عيان- تتبدد تلك الغيوم القاتمة، التي اعتاد أكثر الباحثين أن يضفوها على الحركة الفكرية لهذا العهد، والضحالة التي يصورونها بها، وربما لهم عذرهم في ذلك لندرة ما سجل عن تاريخ هذا العصر، بكيفية متسلسلة، وإنما هي عبارة عن إشارات وتلميحات خاطفة -هنا وهناك- بحيث لا تكفي لإعطاء صورة مكتملة عن الحركة الفكرية في هذا العهد.

والشئ الذي يبدو جليا في هذا العصر -كثرة العلوم وتنوعها، والتي كان لها حظ الأسد هي العلوم الشرعية، وبالأحرى الفقه المالكي منها، والظاهرة التي اتسم بها الشغوفون به- في الغالب الأعم- هي العكوف على ذلك التراث الضخم، والانكباب عليه انكباب الظمآن، لتحصيله وفهمه، وتفهيمه، ثم تناوله بالشرح والإطناب تارة، واختصار ما تسعه صفحات في أقصر عبارة تارة أخرى، ومن حاول الاجتهاد منهم لم يعد اجتهاده ترجيح قول على قول في إطار مذهبه، كما سيتضح ذلك بعد بحول الله.

- أشهر فقهاء هذا العصر:

ومن الفقهاء البارزين في هذا العهد -بالمغرب الأقصى-: - أبو عبد الله محمد قاسم القوري، شيخ الإسلام، وأحد جهابذة العلم، له فتاوي مشهورة، وشرح مختصر خليل في ثمان