للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثقافته واسعة، ومكانته العلمية فائقة، وخاصة في الميادين الفقهية، وأن يأتي إنتاجه الفكري خصبا وافرا، ويعجب به، ويعترف له كثير من العلماء، منهم ابن غازي الذي زكى فقهه تزكية غريبة، لو صدرت من غيره، لقلنا فيه نوع من المبالغة، لكن ابن غازي لا يطلق الكلام جزافا، وإنما يعني كل ما يقول: "لو أن رجلا حلف بطلاق زوجته علي أن أبا العباس الونشريسي أحاط بمذهب مالك: أصوله وفروعه، لبر في يمينه، ولا تطلق عليه زوجته، لتبحره وكثرة اطلاعه، وحفظه وإتقانه، وكل من يطالع أجوبته وتواليفه، يقضي بذلك) (٧٨).

ومن هنا سماه المقري بعالم المغرب، (٧٩) وربما سماه حافظ الحفاظ (٨٠). وكفاه شرفا، وتنويها بعلمه، وتخليدا لذكره -أن سمي كرسي المدونة (٨١) بفاس- باسمه، وبقي كذلك إِلي أن أدخل علي القرويين نظامه الجديد.

وكتب إِليه ابن غازي رسالة مطولة، يجيبه فيها عن مسائل علمية، تتصل بالتاريخ والسير، وكلها تنويه وتقدير -لأبي العباس- سماها: "الإشارات الحسان إلي حبر فاس وتلمسان" (٨٢).

وأعتقد أن لا حاجة تدعو إلي نقل جميع الآراء التي قيلت في شأنه، وفي تقويم شخصيته وثقافته -وهي كثيرة-


(٧٨) الدوحة ص: ٣٧.
(٧٩) انظر النفح ج ٥ ص: ٣٤٠.
(٨٠) انظر أزهار الرياض ج ٤ اللوحة ١٢١.
(٨١) انظر فهرسة المنجور ص: ٥٠ و ٥٣.
(٨٢) انظر أزهار الرياض ج ٣ ص: ٦٦ - ٨٧.