للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثالثاً: رغم غزارة إنتاج الذهبي وكثرة مؤلفاته، إلا أنه لم يترك لنا كتباً في فروع الفقه، ولا في شروح الأحاديث النبوية، ولا في الفتوى، لذا فقد جاءت اختياراته وترجيحاته الفقهية مجرد تعليقات مقتضبة، كان يبثها وينثرها، هنا وهناك، كلما عنّت لها مناسبة، أو دعت إليها حاجة.

رابعاً: لكن هذه الاختيارات ومع كونها تعليقات مختصرة ومتناثرة، إلا أنها من الكثرة بحيث يمكن أن تكوّن مَعْلَمة فقهية مستقلة، خاصة بالإمام الذهبي، إذا ما ضُمّ بعضها إلى بعض، وهذا ما وفقني الله تعالى لعمله في هذا الكتاب، حيث جمعتُ من اختياراته وترجيحاته أكثر من مائتي مسألة في الفروع.

خامساً: ظهر لي من خلال دراسة اختيارات الذهبي الفقهية، أن صاحبها كان أبعد ما يكون عن التعصب المذهبي، حيث خالف مذهب إمامه الشافعي في مسائل عديدة، كمسألة الوضوء بالماء المشمّس (١)، ومسألة الجهر بقراءة البسملة في الصلاة (٢)، ومداومة القنوت في صلاة الفجر (٣)، والسجود على كور العمامة (٤)، وغيرها.

سادساً: كما ظهر لي أن الإمام الذهبي وبرغم شدة تمسكه بنصوص الكتاب والسنة، إلا أنه كان في الوقت نفسه ينأى بنفسه عن الشذوذ، أو الخروج عن مذاهب الأئمة المعتبرة، وفقه سلف الأمة، بل لقد كان يوصي ويقول: "ينبغي للمسلم ألا يشغب


(١) ينظر: المسألة رقم: ٤.
(٢) ينظر: المسألة رقم: ١٥.
(٣) ينظر: المسألة رقم: ٢٣.
(٤) ينظر: المسألة رقم: ٢٨.

<<  <   >  >>