للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السباع: هي الحيوانات المفترسة التي تأكل الجثث.

وهذا الذي ذكره المؤلف - وهو وجوب دفن الميت - أمرٌ مجمع عليه (١) , لا خلاف فيه البتة بين العلماء، قال - صلى الله عليه وسلم -: «ادفنوا الاثنين والثلاثة في القبر» (٢)، وجاء أيضاً عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «احفروا وأعمقوا وأحسنوا» (٣).

والتعميق: هو أن يكون القبر عميقاً، ليكون بعيداً عن متناول السباع.

والإحسان هو أن يكون القبر واسعاً على قدر الميت بحيث يسعه.

قال المؤلف - رحمه الله -: (ولا بأس بالضَّرْح، واللحْدُ أولى)

القبر قبران، قبر ضرح وقبر لحد.

فأما الضَّرْحُ: فهو الشق في الأرض، وغالب قبور الناس اليوم من الشق، فيفتح القبر بشكل مستقيم وينتهي الأمر، ويسمى هذا ضرحاً.

وأما اللحد: وهو الشق في جانب القبر - يعني أن يحفر القبر وتنزل فيه مسافة ثم من جهة القبلة في آخره تحفر إلى جهة القبلة - فهذا يسمى لحداً.

وقول المؤلف: (لا بأس بالضرح) أي أنه جائز.

وقوله: (واللحد أولى)، أي هو المستحب والأفضل، لأنه الأقرب لإكرام الميت من الشق.

وجاء في الصحيح عن سعد بن أبي وقاص أنه قال في مرضه الذي هلك فيه: « ... الحدوا لي لحداً وانصبوا علي اللبن نصباً كما صنع برسول الله - صلى الله عليه وسلم -» (٤).

فاللحد أولى وأفضل، لأنه الذي فعله الصحابة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - , فقد حفروا له لحداً ونصبوا عليه اللبن نصباً، وهو أكمل الصور وأجودها.


(١) قال ابن المنذر: «وأجمعوا على أن دفن الميت لازم واجب على الناس، لا يسعهم تركه عند الإمكان، ومن قام به منهم سقط فرض ذلك على سائر المسلمين».
«الإجماع» (ص ٤٤)، وانظر «مراتب الإجماع» (ص ٣٤) لابن حزم.
(٢) أخرجه أحمد (٢٦/ ١٨٣)، وأبو داود (٣٢١٥)، والترمذي (١٧١٣)، والنسائي (٢٠١٠) وغيرهم.
(٣) هو نفس الحديث الذي قبله.
(٤) أخرجه مسلم (٩٦٦).

<<  <   >  >>