للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الإحرام قبل الميقات، فقد نقل ابن المنذر - رحمه الله - الإجماع على أنّ من أحرم قبل الميقات - من بيته مثلا أو من أي مكان قبل الميقات -، فإنه يكون مُحرماً، وإحرامه صحيح (١).

لكن اختلف في كراهته، هل يُكره هذا الفعل أم لا؟

والصحيح أنّه مكروه، لأنه مخالف لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإن السنة والذي كان يفعله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يُحرم من الميقات، لكن لو حصل وفعلها أحد فنقول بجواز هذا الفعل وإحرامه يكون صحيحاً.

وأمّا من كان بالطائرة والسفينة ونحوِ ذلك، فهذا إذا حاذى الميقات أحرم، ولا يجوز له مجاوزة ذلك إلا وهو محرم، أي أنه صار على نفس المستوى.

ودليل المحاذاة، أثر عمر بن الخطاب - صلى الله عليه وسلم - في «الصحيحين»، أن أهل العراق جاؤوه، فقالوا له بأن الميقات الذي وقَّته النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهل نجد - وهو قرن المنازل- بعيد عنهم فلو أنّك تفعل لنا شيئا، فقال لهم: «انظروا حذوها من طريقكم» (٢) فحدّ لهم ذات عرق، لأنه حذو قرن المنازل، وهو ميقات نجد.

فأخذ من هذا أنّ مَن طريقُه لا تأتي به إلى الميقات فيُحاذي الميقات ويُحرم من هناك، وكذلك الذي يأتي بالطائرة أو بالسفينة.

قال المؤلف - رحمه الله: - (فصل: ولا يَلْبَسُ المُحْرِمُ القميصَ، ولا العمامة، ولا البُرْنُسَ، ولا السراويل، ولا ثوباً مَسّه وَرْس، ولا زعفران، ولا الخُفَّين إلا أنْ لا يجد نعلين، فليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين)

انتهى المؤلف - رحمه الله - من ذكر المواقيت لأهل كل بلد، ثم بدأ يذكر ما يَحرُم على المُحرِم فعله، لأن هذه المحرمات يجب أن تُجتنب قبل نية الدخول في النسك - أي قبل الإحرام -.

وهذا الذي ذكره المؤلف جاء في حديث واحد من حديث عبد الله بن عمر في «الصحيحين» (٣).


(١) «الإجماع» (ص ٥١).
(٢) أخرجه البخاري (١٥٣١).
(٣) أخرجه البخاري (١٥٤٣)، ومسلم (١١٧٧).

<<  <   >  >>