للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالتتابع فتبقى على إطلاقها ولا نقيدها بشيء من عندنا نحن، فيجوز أن تصومها متتابعة أو متفرقة. هذا هو الصحيح إن شاء الله. والله أعلم.

كتابُ النَّذرِ

أصل النذر: الإنذار، بمعنى التخويف والإيجاب، هذا أصله اللغوي.

وأما شرعاً: فإيجاب ما ليس بواجبٍ لحدوث أمرٍ.

هذا قول في تعريفه، والقول الثاني أدق: إلزام المكلف نفسه عبادة لم تكن لازمة بأصل الشرع.

مثلاً صيام الإثنين والخميس، يستحب صيامهما؛ لكن إذا نذر الشخص أن يصومهما يكون بذلك قد ألزم نفسه بعبادة هي في الأصل لم تكن واجبة عليه، ولكنه أوجبها على نفسه.

هذا معنى النذر.

قال المؤلف رحمه الله: (إنَّما يصِحُّ إذا ابتُغِيَ به وَجهُ اللهِ، فلا بُدَّ أن يكونَ قُربةً. ولا نَذرَ في مَعصيةِ اللهِ)

النذر يصح إذا كان قربة لله تبارك وتعالى؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا نذر إلا فيما ابتُغي به وجه الله» (١) فإذا كان النذر قربة لله تبارك وتعالى فهو صحيح، وإذا لم يكن قربة فلا يكون صحيحاً؛

للحديث المتقدم، وقال - صلى الله عليه وسلم - كما جاء في الصحيح-: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه» (٢).

في هذا أمر بالوفاء بنذر الطاعة، ونهي عن نذر المعصية، أي الذي فيه معصية لله تبارك وتعالى.

وجاء في الصحيحين عن ابن عمر قال: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النذر، وقال: «إنه لا يَردُّ شيئاً، وإنما يُستخرج به من البخيل» (٣).

هذا النذر هو النذر المعلق أو نذر المقابلة، يسمى النذر المعلق أو نذر المقابلة يعني أن تعمل هذا العمل في مقابلة أمر يحصل لك، تعلق نذرك هذا بأمرٍ يحصل لك.

يعني تقول مثلاً: إذا شفى الله مريضي فسأذبح شاة، هذا نذر معلق بشيء معيَّن لذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنه لا يرد شيئاً» هذا لن يغير شيئاً من القدر، يعني لن يشفي الله مريضك لأجل ذبحك للشاة، إنما يستخرج به من البخيل، الذي يفعل هذا الشيء لا ينفق إلا بمقابل، هذا هو البخيل الذي يبخل عن الإنفاق في طاعة حتى يكون هناك مقابل في ذلك، لذلك ذمه النبي - صلى الله عليه وسلم - فهذا النذر مكروه؛ لكن إذا فعله أحد فيجب عليه أن يوفي به، هذا نذر المقابلة أو النذر المعلق.


(١) أخرجه أحمد (٦٧٣٢)، وأبو داود (٣٢٧٣) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه.
(٢) أخرجه البخاري (٦٦٩٦)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٣) أخرجه البخاري (٦٦٠٨)، ومسلم (١٦٣٩) من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه.

<<  <   >  >>