والإطعام يكون بأن تعطيهم طعاماً لا تعطيهم نقوداً، النقود لا تنفع، الله سبحانه وتعالى ذكر الطعام وكانت النقود موجودة عندهم، فلو كانت النقود تجزئ عن الطعام لذكرها الله سبحانه وتعالى، لكن بما أنه ذكر الطعام فنقتصر على الطعام.
وهذا الطعام قال الله سبحانه وتعالى فيه: من أوسط ما تطعمون أهليكم، أي من أعدله أي لا الدنيء الزهيد ولا الغالي الثمن، المتوسط، يعني في حالنا اليوم كثير من الناس عندنا هنا يأكلون في الغالب - الطعام المتوسط عند كثير من الناس - الأرز والدجاج مثلاً، فمثل هذا الذي غالب طعامه من الأرز والدجاج إذا أراد أن يطعم طعاماً متوسطاً يطعم مداً من الأرز أو نقول صحن مطبوخ مشبع مع ربع دجاجة يكون بذلك قد أطعم شخصاً، فيطعم عشرة أشخاص على هذا النحو، ولا يشترط أن يكون مطبوخاً كما يَشترط البعض، فابن جرير الطبري رحمه الله تكلم على هذه المسألة عند تفسيره لهذه الآية، وذكر أن الكفارات التي ذكرها الله سبحانه وتعالى وجاءت في سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس فيها شيء اشتُرط فيه الطبخ، فلذلك هذه تُلحق بتلك الكفارات فالطبخ ليس شرطاً فيها، إن طبختَ جزاك الله خيراً أفضل، لكن لا يعتبر هذا شرطاً.
أما الكسوة فأصح الأقوال في ذلك أن ثوباً ساتراً للعورة يكفي، اليوم كثير من الناس يرتدي البنطال والقميص القصير فالكسوة تكون بالبنطال والقميص تكون كسوة كاملة، البعض قال: إذا كان جزءاً من هذا يكفي لكن الصحيح أن هذه لا تعتبر كسوة كاملة، الكسوة أن يعطيه ما يستره، وهذا يحتاج أقل شيء اليوم بالنسبة لنا البنطال والقميص القصير هذا يعتبر كسوة.
(أو تحرير رقبة)، (أو) للتخيير، فعندك الآن إما الإطعام أو الكسوة أو تحرير رقبة.
الرقبة: عتق عبد أو أمة، الرقبة هنا: عتق عبد أو أمة، وهذا في الغالب غير موجود اليوم إلا أنه داخل من ضمن الخيارات فإطعام أو كسوة أو تحرير رقبة، أنت مخيَّر بين هذه الثلاث، ولا يلزمك الترتيب إلا مع الصيام، يلزمك الترتيب بين هذه الثلاث وبين الصيام فعندنا ترتيب وتخيير، التخيير بين هذه الثلاث التي ذكرناها الإطعام أو الكسوة أو تحرير رقبة أنت مخير بين هذه الثلاث.
أما الترتيب ففي حال عدم القدرة على واحدة من هذه الثلاث تتحول إلى الصيام؛ لأن الله تبارك وتعالى قال:{فمن لم يجد} يعني عندك ترتيب الأول إما أن تجد أو لا تجد، فإن وجدت فأنت مكلف بواحدة من الثلاث ولا بد، ولا يجوز الصيام وأنت قادر على واحدة منها، أما إذا لم تجد فتنتقل إلى الصيام.
قال تعالى:{فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام}، صيام ثلاثة أيام هذا في حال عدم إيجاد الثلاثة الأولى، قال ابن المنذر في الأوسط: أجمع أهل العلم على أن الحالف الواجد الإطعام أو الكسوة أو الرقبة؛ لا يجزئه الصوم إذا حنث في يمينه.
وهل الصيام يجب أن يكون متتابعاً أم لا؟ خلاف بين أهل العلم، الذين قالوا بالتتابع احتجوا بقراءة شاذة لابن مسعود لا يعتمد عليها، فالقراءات المعتمدة المتواترة ليس فيها تقييد