اختلف أهل العلم في معنى (لا ضرر)، و (لا ضرار) فقال بعض أهل العلم: المعنى واحد، لا ضرر ولا ضرار بنفس المعنى، الجملة الثانية مؤكدة للجملة الأولى، ومعناهما نفي الضرر في الشرع بغير حق.
وقال آخرون: بينهما فرق، فقالوا: الضرر: أن يُدخِل على غيره ضرراً بما ينتفع هو به، والضرار: أن يُدخل على غيره ضرراً بلا منفعة له به.
وقيل: الضرر: أن يضر بمن لا يضره، والضرار: أن يضر بمن قد أضر به على وجهٍ غير جائز، كأن يتجاوز الحد في الإضرار به.
وعلى كل حال فالنبي صلى الله عليه وسلم إنما نفى الضرر والضرار بغير حقٍّ، فإيقاع الضرر بالآخرين بغير حق محرَّم.
وأما إدخال الضرر على أحدٍ بحقٍ؛ كمن تعدى حدود الله تعالى، فيعاقب على قدر جريمته، أو كونه ظلم غيره، فيطلب المظلوم حقه بالعدل؛ فهذا غير مرادٍ قطعاً؛ كقطع يد السارق، هذا ضرر ولكنه بحق، هذا غير داخل في الحديث بالاتفاق، والأدلة كثيرة على جواز مثل هذا الضرر.
وممن يدخل في هذا الحديث الشركاء، فلا يجوز إيقاع الضرر على الشريك بالتفصيل المتقدم.
ومن أوقع الضرر على شريكه؛ جاز للإمام أن يعاقبه على ذلك، بالطريقة التي يرد بها الحق للمظلوم، وترفع الظلم عنه، وتردع الظالم.
كمن له شجرة في أرض شخص آخر، وصاحب الأرض يتأذى من دخول صاحب الشجرة إلى أرضه، فيلزم صاحب الشجرة ببيعها أو بنقلها، فإن رفض قلعت شجرته لرفع الضرر عن صاحب الأرض، وكذلك لو كان له بدل الشجرة داراً.
وكمن منع جاره غرز خشبة في جداره ولا ضرر عليه من ذلك.