للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أمّا إذا قلت: نكح فلان ابنة فلان، فالمراد: العقد، بمعنى عقد عليها، إذا لم تكن زوجة له؛ فقرينة الحال هي التي دلتنا على المعنى المراد من لفظ النّكاح.

قال المؤلف رحمه الله: (يُشْرَعُ لمِنَ اسْتَطاعَ الباءَةَ)

تطلق كلمة (يُشْرَعُ) ويراد بها: الواجب، أوالمستحب، وربما دخل فيه المباح بالشرع.

[حكم النكاح]

أفادنا المؤلف من حكم النكاح المشروعية، أي الجواز لمن استطاع الباءة.

والباءة: أصلها الموضع الذي يأوي إليه الإنسان.

والمراد هنا: النّكاح، فمن عنده قوة بدنية وقدرة مالية على الزواج، يُشرع له النّكاح؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «يامَعْشَرَ الشبابِ من استطاع منكم الباءَةَ فليتزوج؛ فإنه أَغَضُّ للبَصَرِ وأحصنُ للفرجِ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنّه له وِجَاءٌ (١)» (٢).

أي يقطع عليه الشهوة أو يخفف من حدتها.

[مسألة]

المشروعية التي استفدناها قد يراد بها الواجب أو المستحب أو المباح؛ فهل النكاح واجب أم مستحب أم مباح؟

بناء على قواعد أصول الفقه؛ فإن ظاهر الحديث يدلّ على الوجوب لمن استطاع الباءة، وقد عرفنا أنّ الحديث أو الآية - أي الدليل - إذا كان ظاهره الوجوب؛ فلا يجوز صرفه عن الوجوب إلّا بقرينة.

وعندنا هنا قرينة دلّت على أن الأمر ليس للوجوب بل للاستحباب؛ وهي التخيير في قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ


(١). قال ابن الأثير في «النهاية في غريب الحديث والأثر» (٥/ ١٥٢):
«الوجاء: أن ترض أنثيا الفحل رضاً شديداً يُذهب شهوة الجماع، ويتنزل في قطعه منزلة الخصي. وقد وجِئ وجاء فهو مَوجُوء.
وقيل: هو أن توجأ العروق، والخصيتان بحالهما. أراد أن الصوم يقطع النكاح كما يقطعه الوجاء».
(٢) أخرجه البخاري (١٩٠٥)، ومسلم (١٤٠٠) عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>