للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البائع والمشتري كلاهما بالخيار، للبائع أن يرجع عن البيع ما داما في نفس المجلس لم يتفرقا، وللمشتري أن يرجع عن الشراء؛ لكن إذا حصلت الفرقة بالأبدان انتهى الخيار، بأن خرج أحدهما من المحل مثلا فتفرقا.

تفضُّلاً بعد ذلك إذا أراد أن يتفضل المشتري أو البائع بالرجوع فله ذلك، لكن الوجوب لا يجب على هذا ولا على هذا.

في رواية للحديث: «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار» (١) أي إلا أن يُخيِّر أحدهما الآخر فيختار إمضاء البيع، فلا خيار بعد ذلك، حتى وإن لم يتفرقا، يعني إذا اشتريت منك وقلت لك: تم البيع لا رجعة، ووافقت أنت على ذلك فلا رجعة لأحدهما في ذلك حتى وإن لم يتفرقا.

وسيأتي أيضاً أنواع الخيار هي سبعة، ذكر المؤلف منها اثنين: خيار الخداع، وخيار المجلس، وسيأتي إن شاء الله الكلام عن البقية.

قال المؤلف رحمه الله: باب الربا

انتهى من البيوع التي نهي عنها وبدأ بباب هو من أهم أبواب البيوع، وهو الربا.

الربا في اللغة هو: الزيادة، يقال: رَبا الشيء إذا زاد.

قال تعالى: {أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ} أي هي أكثر عدداً.

وقال سبحانه: {فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} أي زادت ونمت.

وأما في الاصطلاح فمنه ربا قرض، وهذا سيأتي الحديث عنه في باب مستقل إن شاء الله.

ومنه ربا بيع، ربا في البيوع، وهذا المقصود هنا.

وهو قسمان: ربا فضل وربا نسيئة.

ربا الفضل: ربا الزيادة.

وربا النسيئة أي ربا التأخير.

والربا محرَّم في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبإجماع أهل الإسلام، بل واليهودية والنصرانية أيضاً.

قال تعالى: {وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}، وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}، وقال: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} أي لا يقومون من قبورهم عند البعث إلا كما يقوم المصروع الذي أصابه الشيطان بالصرع، المس الشيطاني الذي نسميه نحن اليوم: التلبُّس.

ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه, وقال: «هم سواء» (٢).


(١) أخرجه البخاري (٢١١١)، ومسلم (١٥٣١).
(٢) أخرجه مسلم (١٥٩٨).

<<  <   >  >>