للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعدّه صلى الله عليه وسلم من السبع الموبقات (١) أي المهلكات، وقال صلى الله عليه وسلم: «رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة، فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم، وعلى وسط النهر رجل بين يديه حجارة، فأقبل الرجل الذي في النهر، فإذا أراد الرجل أن يخرج، رمى الرجل بحجر في فيه، فرده حيث كان، فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان، فقلت: ما هذا؟ فقال: الذي رأيتَه في النهر آكل الربا» (٢) نسأل الله العافية، والله المستعان، لا أدري الناس أين هم من هذه النصوص المرعبة، ما أكثر أكلهم الربا في هذه الأيام، لا يكاد يجتنبه إلا من رحم ربك والله المستعان.

والإجماع منعقد على حرمة الربا (٣) والربا من كبائر الذنوب.

قال المؤلف رحمه الله: (يَحرُمُ بيعُ الذَّهبِ بالذَّهبِ، والفِضّةِ بالفضّةِ، والبُرِّ بالبُرِّ، والشَّعيرِ بالشَّعيرِ، والتَّمرِ بالتَّمرِ، والمِلحِ بالمِلحِ، إلا مِثلاً بمِثلٍ، يداً بيدٍ)

هذا معنى حديث عبادة بن الصامت، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح؛ مثلاً بمثل، سواء بسواء، يداً بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يداً بيد» (٤).

ذكرنا أن ربا البيوع نوعان: ربا فضل وربا نسيئة.

المقصود بربا الفضل: ربا الزيادة، وهذا يكون في الأصناف التي ذكرها النبي - صلى الله عليه وسلم - وما يُلحق بها، أي ما في معناها.

المراد من ذلك أنك إذا أردت أن تبيع ذهباً وتشتري ذهباً، يجب أن يكون الذهب الذي تدفعه مثل الذهب الذي تشتريه: غراما بغرام، وعشرة بعشرة، هذا معنى (مِثلاً بمثل (.

يعني إذا دفعت لمشتري الذهب منك الذي تريد أن تأخذ منه ذهباً مقابله، إذا دفعت له مائة غرام من الذهب، يجب أن تأخذ منه مائة غرام من الذهب، لا تزيد ولا تنقص، إذا دفعت له نص كيلو تأخذ منه نص كيلو مثلاً بمثل، هذا معنى مثلاً بمثل، سواءً بسواء.

(يداً بيد) يعني: لا يجوز تأخير التقابض بل يجب الاستلام والتسليم في نفس المجلس.

الأول الذي هو ربا الفضل لا يجوز أن يكون فيه فضل، أي زيادة، فإذا كان فيه فضل فهو ربا الفضل.

وإذا كان مثلا بمثل، ولكنك أخّرت القبض، دفعت له مائة غرام وقلت له: سآتيك بعد شهر آخذ منك مائة غرام، هذا ربا النسيئة.


(١) أخرجه البخاري (٢٧٦٦)، ومسلم (٨٩).
(٢) أخرجه البخاري (٢٠٨٥).
(٣) نقل الإجماع ابن حزم في «مراتب الإجماع» (ص ٨٩) وغيره.
(٤) أخرجه مسلم (١٥٨٧).

<<  <   >  >>