للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال المؤلف: (ولا يَقْعُدُ المُتَّبِعُ لها حتى تَوْضَعَ)

أي أن من مشى مع الجنازة لا يجلس حتى توضع الجنازة في قبرها.

وهذا الحكم، الصحيح أنه منسوخ , فإنه كان بداية ثم نسخ بعد ذلك.

جاء في «الصحيحين» أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا رأيتم الجنازة فقوموا لها فمن تبعها فلا يجلس حتى توضع» (١)، وهو ظاهر فيما ذكره المؤلف , لكن ناسخه عند مسلم من حديث علي بن أبي طالب قال: «قام النبي - صلى الله عليه وسلم - يعني في الجنازة - ثم قعد» (٢).

وفي رواية في المسند: «ثم جلس بعد ذلك وأمرنا بالجلوس» (٣)، أي أن الحكم كان بدايةً ثم نسخ ورُفع، وأُذِنَ لهم بالجلوس حتى قبل أن توضع.

قال رحمه الله: (والقيامُ لها مَنْسوخٌ)

لما تقدم.

وقد فرَّق المؤلف - رحمه الله - بين القيام للجنازة وعدم القعود للمتبع حتى توضع الجنازة، فجعل الثاني وهو القيام للجنازة منسوخاً، بينما جعل الجلوس قبل أن توضع ثابتاً وليس بمنسوخ وهذا التفريق غير صحيح، والصحيح أن هذه الأحكام كلها منسوخة كانت بدايةً ثم رفع الحكم.

ودليل النسخ ما أخرجه الطحاوي - رحمه الله - من حديث علي بن أبي طالب أنه أجلس أقواماً كانوا ينتظرون الجنازة أن توضع، فقال لهم اجلسوا، ثم قال: «إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أمرنا بالجلوس بعد القيام» (٤)، فهذا يدل على أن النسخ لاحق بالأمرين، للقيام عند مرور الجنازة أو عند المشي معها, وأيضاً للأمر بالقيام قبل أن توضع، فكله منسوخ، فيجوز أن تجلس قبل أن توضع أو بعدها، فالحكم بالقيام منسوخ على الصحيح.

قال- رحمه الله -: (فصلٌ: دَفْنُ الميت، ويجبُ دفن الميتِ في حفرة تَمْنَعُهُ السِّباعَ)


(١) أخرجه البخاري (١٣١٠)، ومسلم (٩٥٩).
(٢) أخرجه مسلم (٩٦٢).
(٣) بهذا اللفظ أخرجه أحمد (٢/ ٥٧)، وابن حبان في «صحيحه» (٧/ ٣٢٧).
(٤) «شرح معاني الآثار» للطحاوي (٢٨٠٢).

<<  <   >  >>