للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكن قد صحَّ من قول عمرو بن العاص أنه نهى عن اتِّباعِه بصوت أو نار (١)، وقال ابن المنذر: «وكره كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن يتبع الميت بنارٍ تُحمَلُ معه، أو أُحْمِلَ»

ثم ذكر من روي عنه النهي عن ذلك وأوصى به من السلف (٢).

وأما تحريم شق الجيب، فلقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية» (٣).

وضرب الخدود، هو اللطم، أي الضرب على الخدين

وأما شق الجيوب , فالجيب، هو المكان الذي يدخل منه الرأس في الثوب، وكانت المرأة إذا أصابتها مصيبة أمسكت ثوبها وقطَّعته, وهذا محرَّم.

ودعوى الجاهلية، كالدعاء بالويل والثبور والنياحة وغيرها من أنواع الدعاء التي نهى عنها النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وأما تحريم الدعاء بالويل والثبور، فداخل في دعوى الجاهلية المتقدمة في الحديث الماضي.

والويل هو العذاب، والثبور هو الهلاك.

وجاء في حديث عند ابن ماجة وابن حبان «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعن الخامشة وجهها - التي تخمش وجهها بأظفارها - والشاقة جيبها والداعية بالويل والثبور» (٤)، وهو من رواية أبي أسامة عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وهو حديث ضعيف.

وعِلَّتُه أن أبا أسامة روى عن عبد الرحمن بن يزيد وظنَّه ابن جابر، والحقيقة أن رواية أبي أسامة عن عبد الرحمن بن يزيد هي عن عبد الرحمن بن يزيد بن تميم الضعيف، لا عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر , وقد خفيت هذه العلة على بعض أهل العلم الأفاضل فحسّنوا الحديث , ولكن هذا الحديث ضعيف بعلته هذه.


(١) أخرجه مسلم في «صحيحه» (١٢١).
(٢) انظر «الأوسط» (٥/ ٣٧٠) له.
(٣) أخرجه البخاري (١٢٩٧)، ومسلم (١٠٣).
(٤) أخرجه ابن ماجه (١٥٨٥)، وابن حبان في «صحيحه» (٣١٤٦).

<<  <   >  >>