للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الصلاة على الغائب فلم يحفظ عنه عليه الصلاة والسلام أنه صلى على غائب إلا على النجاشي (١) , والسبب أن للنجاشي صفة خاصة، وهي أنه لم يصلِّ عليه أحد، فصلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الغائب.

أما التوسُّعُ الذي نراه اليوم في صلاة الغائب , فكل من أراد أن يصلّيِ على آخر صلى صلاة الغائب، فهذا توسع غير مَرْضِيٍّ، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصلِّ على أحد صلاة الغائب إلا على النجاشي , وإلا فقد مات كثير من المسلمين بعيداً عنه - صلى الله عليه وسلم - ولم يصلِّ عليهم لا حاضراً ولا غائباً , وإنما صلى على النجاشي لأنه هو الوحيد الذي لم يُصلَّ عليه، فصلى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة الغائب.

فصلاة الغائب تُشرَعُ، ولكن لمن لم يصلَّ عليه, وليس مطلقاً.

قال المؤلف رحمه الله: (فصل: ويكون المشي بالجِنازةِ سريعاً)

هذا لما تقدم معنا من قوله - صلى الله عليه وسلم -: «أسرعوا بالجنازة فإن كانت صالحة فخير تقدمونها إليه وإن يَكُ سِوى ذلك فشرٌّ تضعونه عن رقابكم» (٢).

فإذا حُملت الجنازة على الرقاب فمن السنة الإسراع بها.

قال النووي - رحمه الله -: «واتفق العلماء على استحباب الإسراع بالجنازة إلا أن يخاف من الإسراع انفجار الميت أو تغيره ونحوه فيتأنى» (٣).

أي إذا خشينا من مفسدة تعود على الميت فلا يُسرع بها وإلا فالسنة أن يُسرع بها.

قال ابن القيم - رحمه الله -: «وأما دبيب الناس اليوم خطوةً خطوة - يعني مشيهم في الجنازة خطوة خطوة كما نرى اليوم - فبدعة مكروهة مخالفة للسنة ومتضمنة للتشبه بأهل الكتاب اليهود» (٤).

فهذا العمل وهو المشي بالجنازة خطوة خطوة، ليس من عمل المسلمين , بل السنة أن يسرع بها كما أمر - صلى الله عليه وسلم -.


(١) أخرجه البخاري (١٢٤٥)، ومسلم (٩٥١).
(٢) أخرجه البخاري (١٣١٥)، ومسلم (٩٤٤) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٣) «المجموع» (٥/ ٢٧١).
(٤) «زاد المعاد» (١/ ٤٩٨).

<<  <   >  >>