للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما من أطلق عليه اسم شهيد من غير شهداء المعارك، كالغريق والمبطون - وهو الذي يموت بمرض في بطنه - وصاحب الهدم والمطعون - وهو من مات في الطاعون -، فهؤلاء يغسَّلون ويكفنون ويصلى عليهم بالاتفاق (١).

قال المؤلف - رحمه الله -: (فصلٌ: تكفينُ الميت)

التكفين في اللغة: هو التغطية والسَترُ.

ومنه سمي كفن الميت لأنه يستره.

ومنه تكفين الميت أي تغطيته بالكفن.

فالمعنى الاصطلاحي موافق للمعنى اللغوي.

قال المؤلف رحمه الله: (ويجبُ تكفينه)

أي يجب تكفين الميت وجوباً كفائياً، إذا قام به البعض سقط عن الباقين كما في الغَسل تماماً، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر به في حديث المحرم الذي وقصته ناقته - أي كسرته فمات- فقال فيه - صلى الله عليه وسلم -: « ... وكفنوه في ثوبين» (٢) وهذا أمر، فتكفين الميت واجب.

قال المؤلف رحمه الله: (بما يستره)

وهو أقل ما يكفن به الميت، أن يُكّفن بشيء يستره، فيغطيه تغطية كاملة. والأفضل والأكمل أن يكفن بثلاثة أثواب، فقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كُفِّن في ثلاثة أثواب يمانية بيض سحولية من كُرْسُفٍ ليس فيهن قميص ولا عمامة، وهو في الصحيحين (٣)، وهو الأكمل.

والرجل والمرأة في ذلك سواء.

وقد فرق بعض أهل العلم بين المرأة والرجل، فقال المرأة تُكفن بخمسة أثواب، لكنهم احتجوا في ذلك بحديث ضعيف لا يصح (٤) والصحيح هو ما ذكرناه، وهو أن الرجال والنساء على السواء في التكفين بثلاثة أثواب بيض، وهذا أكمل ما يذكر في تكفين الميت.


(١) انظر «المجموع شرح المهذب» للنووي (٥/ ٢٦٤).
(٢) أخرجه البخاري (١٢٦٥)، ومسلم (١٢٠٦).
(٣) أخرجه البخاري (١٢٦٤)، ومسلم (٩٤١) عن عائشة رضي الله عنها.
(٤) وهو حديث ليلى بنت قانف الثقفية، أخرجه أحمد (٤٥/ ١٠٦)، وأبو داود في «سننه» (٣١٥٧) وغيرهما. في إسناده نوح بن حكيم مجهول، وله علة أخرى ذكرها ابن القطان الفاسي، نقلها الزيلعي في نصب الراية (٢/ ٢٥٨).

<<  <   >  >>