للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الإجزاء فيجزئ ولو بثوب واحد يستر الميت كله.

وقوله هنا (بما يستره) جاء في الحديث أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا كَفَّن أحدكم أخاه فليحسن كفنه» (١).

قال العلماء والمراد بإحسان الكفن نظافته وكثافته وستره وتوسطه، وليس المراد السَّرْفُ فيه والمغالاة ونفاسته، بل أن يكون الكفن نظيفاً، كثيفاً يستر الميت، ساتراً مغطيّاً لجميع جسد الميت، فهكذا يكون الكفن حسناً.

ويكون التكفين بأثواب بيض وهو الأفضل، فقد أرشد عليه السلام إلى اللباس الأبيض وقال: «كفِّنوا فيه موتاكم» (٢).

ولا يعني ذلك أن غيره لا يجوز لكن الأفضل هو الأبيض.

فأفضل ما يكون التكفين بثلاثة أثواب بيض.

قال رحمه الله: (ولو لم يَمْلِك غيره)

إذا مات الميت ولا يملك إلا قطعة قماش، فيكفن بقطعة القماش تلك، لأن الكفن يكون من رأس مال الميت، أي من ماله الخاص.

ودليل ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بتكفين مصعب بن عمير في نمرة - وهي ثياب مخططة، كأنها أخذت من النمر - فلم يترك غير هذه النمرة، فيقول خباب بن الأرت راوي الحديث: كنا إذا غطينا بها رأسه كشفت قدماه، وإذا غطينا بها قدميه كشف رأسه، فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بتغطية رأسه ووضع الإذخر على قدميه (٣).

والإذخر: حشيشة طيبة الرائحة.

قال رحمه الله: (ولا بأس بالزيادة مع التَّمَكُّنِ من غير مُغَالاةٍ)


(١) أخرجه مسلم (٩٤٣).
(٢) أخرجه أحمد (٤/ ٩٤)، وأبو داود (٣٨٧٨)، والترمذي (٩٩٤)، وابن ماجه (٣٥٦٦) عن ابن عباس - رضي الله عنه -.
(٣) أخرجه البخاري (٣٨٩٧)، ومسلم (٩٤٠) عن خباب بن الأرت - رضي الله عنه -

<<  <   >  >>