والمؤلف - رحمه الله - قد بدأ بكتاب الطهارة كبقية العلماء الذين ألَّفوا في الفقه، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان والحج».
فبدأ بالتوحيد، وهذا قد أفردت له مصنفات خاصة، ثم بالصلاة.
ولما كانت الصلاة لا تصح إلا بالطهارة، ويجب تحقيق الطهارة قبل الدخول في الصلاة، بدأ الفقهاء بالطهارة ثم الصلاة ثم الزكاة ثم الصيام ثم بالحج، أي بالأهم فالمهم، أو بما لا يصحّ المهم إلا به.
قال المؤلف - رحمه الله -: (باب)
الباب لغة: هو الطريق إلى الشيء والموصل إليه، وباب المسجد وباب الدار: ما يدخل منه إليه.
وفي الاصطلاح: اسم لجملة مختصة من الكتاب، ويكون بين مسائل الباب ارتباط أخص من ارتباطها بمسائل الطهارة.
وهذا الباب الذي سيبدأ به المؤلف، هو باب حكم المياه.
قال - رحمه الله -: (هذا البابٌ قد اشتملَ على مسائل)
(المسائل) جمع مسألة، من السؤال، وهي المطلوب الذي يحتاج إثباته إلى برهان ودليل.
قال - رحمه الله -: (الأولى)
أي المسألة الأولى من مسائل هذا الباب.
قال:(الماءُ طاهرٌ مُطَهِّرٌ)
المراد بالماء هنا الماء المطلق، والماء المطلق هو ما كفى في تعريفه اسم الماء، أي الذي لم يُضَفْ إلى شيء فليس ماء ورد مثلاً، فالماء الذي لم يضف إلى شيء، يسمى ماء مطلقاً من غير إضافة شيء آخر إليه، كالماء النازل من السماء أو النابع من الأرض، أو مياه الأنهار والبحار.