للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

و (الماء طاهر) أي ليس بنجس و (مطهر) أي مجزئ في الطهارة الشرعية من رفع حدث وإزالة نجس وغيرهما كالأغسال المندوبة، فلك أن تتطهر به وتتوضأ به، كما قال عليه السلام للمرأة حين سألته عن ثوبها الذي أصابه دم حيض، قال: «واقرصيه بالماء» (١) أي نظفيه بالماء.

وكقوله للصحابة: «أهريقوا عليه ذنوباً من ماء» حين بال الأعرابي في المسجد (٢).

وأصل ذلك قول الله تبارك وتعالى: {وأنزلنا من السماء ماء طهوراً}

قال ثعلب - وهو أحد أئمة اللغة -: الطَّهور: هو الطاهر بنفسه المطهر لغيره، وكذا قال الأزهري - رحمه الله - صاحب كتاب «تهذيب اللغة».

وقال تعالى: {وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به}.

وقال: {فلم تجدوا ماء فتيمموا}.

وقال - صلى الله عليه وسلم -: «الماء طَهور لا ينجسه شيء» (٣).

وقد جاءت أحاديث كثيرة أمر فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - بتطهير النجاسات بالماء، وستأتي إن شاء الله.

ونقل ابن رشد الإجماع على أن الماء طاهر مطهر (٤).

وقال المؤلف - رحمه الله -: (لا يُخْرِجُهُ عن الوَصْفَيْن)

أي لا يَخرُج الماء عن كونه طاهراً في نفسه - وهذا الوصف الأول - ومطهراً لغيره - وهذا الوصف الثاني.

قال: (إلا ما غَيَّرَ ريحَهُ أو لَوْنَهُ أو طَعْمَهُ من النجاساتِ)


(١). أخرجه البخاري (٢٢٧)، ومسلم (٢٩١) عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما.
(٢) أخرجه البخاري (٦١٢٨) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٣) أخرجه أحمد (١٧/ ٣٥٩ - الرسالة)، وأبو داود (٦٦)، والترمذي (٦٦)، والنسائي (٣٢٦) عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.
(٤) قال ابن رشد في «بداية المجتهد ونهاية المقتصد» (١/ ٢٩): «وأجمع العلماء على أن جميع أنواع المياه طاهرة في نفسها مطهرة لغيرها، إلا ماء البحر، فإن فيه خلافاً في الصدر الأول شاذ».

<<  <   >  >>