للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أي إن الماء المطلق يبقى طاهراً مطهراً إلى أن تخالطه نجاسة فتغير رائحته أو لونه أو طعمه، فعندئذ لا يبقى طاهراً ولا مطهّراً، بل يصير نجساً، لا يجزئ في رفع الحدث وإزالة النجاسة.

هذه المسألة الثانية من مسائل الباب.

فعندنا أصل وهو أن الماء طاهر مطهر، وعرفنا دليل هذا الأصل، وهو عموم الآيات والأحاديث التي تقدمت، فلا يخرج الماء عن كونه طاهراً ومطهراً إلا بدليل.

وذكر المؤلف أن الماء لا يخرج عن كونه طاهراً ومطهراً إلا إن خالطته نجاسة غيرت أحد أوصافه الثلاثة، لونه أو ريحه أو طعمه، فيصير نجساً لا يطهر، ودليل ذلك الإجماع.

قال ابن المنذر: «وأجمعوا على أن الماء القليل والكثير إذا وقعت فيه نجاسة فغير للماء طعماً أو لوناً أو ريحاً أنه نجس مادام كذلك» (١).

والأدلة الشرعية: الكتاب، والسنة، والإجماع، وقد انعقد الإجماع على ذلك، فالإجماع يخصص عموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الماء طهور لا ينجسه شيء» (٢)، ويخصص عموم الأدلة التي دلت على أن الماء طاهر مطهر.

وورد في ذلك حديث عند ابن ماجة وغيره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه» (٣)

ولكنه حديث ضعيف، قال النووي: «اتفقوا على ضعفه» (٤)، والضعيف منه الاستثناء، أي قوله: «إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه» وأما قوله: «الماء طهور لا ينجسه شيء» فقد صح من حديث أبي سعيد الخدري كما تقدم.


(١) «الإجماع» (ص ٣٥). وقال البيهقي: لا نعلم في نجاسة الماء إذا تغير بالنجاسة خلافاً. والله أعلم
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) أخرجه ابن ماجه (٥٢١)، والدارقطني في «سننه» (٤٧)، والبيهقي في «سننه الكبرى» (١/ ٣٩٢) عن أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه -.

قال البيهقي بعدما أخرجه موصولاً مرفوعاً، قال: «ورواه عيسى بن يونس عن الأحوص بن حكيم عن راشد بن سعد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً، ورواه أبو أمامة عن الأحوص عن ابن عون وراشد بن سعد من قولهما، والحديث غير قوي، إلا أنا لا نعلم في نجاسة الماء إذا تغير بالنجاسة خلافاً. والله أعلم
(٤) «المجموع» للنووي (١/ ١١٠).

<<  <   >  >>