والدليل على أن الخلع فسخ وليس طلاقاً أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر امرأة ثابت أن تعتد بحيضة (١)، والحديث في «سنن أبي داود» وغيرها.
قال الخطابي رحمه الله معلقاً على قصة زوجة ثابت: "في هذا الحديث دليل على أن الخلع فسخ وليس بطلاق، ولو كان طلاقاً لاقتضي فيه شرائط الطلاق من وقوعه في طهر لم تمس فيه المطلقة، ومن كونه صادراً من قبل الزوج وحده من غير مرضاة المرأة، فلما لم يتعرف النبي صلى الله عليه وسلم الحال في ذلك فأذن له في مخالعتها في مجلسه ذلك؛ دل على أن الخلع فسخ وليس بطلاق، ألا ترى أنه لما طلق ابن عمر زوجته وهي حائض أنكر عليه ذلك وأمر بمراجعتها وإمساكها حتى تطهر فيطلقها طاهراً قبل أن يمسها. وإلى هذا ذهب ابن عباس واحتج بقول الله تعالى {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} سورة البقرة الآية ٢٢٩، قال: ثم ذكر الخلع فقال {فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به} سورة البقرة الآية ٢٢٩، ثم ذكر الطلاق فقال {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره} سورة البقرة الآية ٢٣٠، فلو كان الخلع طلاقاً لكان الطلاق أربعاً، وإلى هذا ذهب طاووس وعكرمة وهو أحد قولي الشافعي وبه قال أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبو ثور. انتهى من «معالم السنن»(٣/ ٢٥٤ فما بعدها).
[باب الإيلاء]
الإيلاء هو اليمين في اللغة، وهو مصدر: آلى، يؤلي، إيلاءً، أي: حلف.
وأما في الشرع؛ فقال المؤلف رحمه الله: (هو أن يحلِف الزوجُ على جميع نسائه - أو
(١) أخرجه أبو داود (٢٢٢٩)، والترمذي (١١٨٥) وغيرهما عن هشام بن يوسف عن معمر عن عمرو بن مسلم، عن عكرمة، عن ابن عباس، ورواه عبد الرزاق عن معمر مرسلا. والصحيح أنها زيادة شاذة فحديث ابن عباس روي عنه من طرق كثيرة ليس في شيء منها هذه الزيادة. ووردت في أحاديث أخرى ذكرها البيهقي في «السنن الكبرى» (٧/ ٧٤١ فما بعدها) وضعفها. وصح القول بذلك عن عثمان وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم.