وإلى تعليق القلوب بأصحابها، مثل هذا كله لا يجوز، بل هو ذريعة إلى الشرك، ومن وقف شيئاً في ذلك فهو وقف باطل غير معتبر.
قال أهل العلم: الوقف على القبور غير صحيح؛ لأن من شرط صحة الوقف أن يكون على جهة بر وقربة، والغلو في القبور والبناء عليها وإقامة الزيارات والحفلات عندها؛ من البدع المنهي عنها؛ بل هو من وسائل الشرك المحرمة، وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة النهي عن الغلو في القبور والبناء عليها واتخاذها أعياداً، فعلى هذا يتعين المنع من إقامة الحفلات عندها ومن ترميمها والبناء عليها. وأما صرف الريع لعمل بر أجدى مما ذكر: كبناية المساجد، وتفطير الصوام، ونحو ذلك؛ فهذا حسن. والله الموفق.
بابُ الهَدَايا
الهدايا جمع هدِيَّة، والهدِيَّة: ما مَلَّكته لغيرك في الحياة بغير عِوَض للتحبُّب.
وبينها وبين الهِبة والعَطِيَّة والصدقة فرْقٌ.
هذه المذكورات كل منها تمليك بلا عوض؛ الهدية أو الهبة أو العطية أو الصدقة، كلها تمليك مال بلا عوض، فهي تجتمع في هذا المعنى؛ إلا أن التمليك إذا كان لثواب الآخرة يعطى للمحتاج؛ كان صدقة.
وإذا كان التمليك للتحبُّب والإلف والتودد؛ فهدية.
والعطية شاملة للجميع.
والهبة: قال بعض أهل العلم: هي والعطية بمعنى واحد فتشمل الهدية وغيرها.
قال ابن قدامة في المغني: وجملة ذلك أن الهبة والصدقة والهدية والعطية؛ معانيها متقاربة، وكلها تمليك في الحياة بغير عوض.
واسم العطية شامل لجميعها، وكذلك الهبة.
والصدقة والهدية متغايران؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة، وقال في اللحم الذي تُصدِّق به على بريرة:«هو عليها صدقة، ولنا هدية».
فالظاهر أن من أعطى شيئاً ينوي به التقرب إلى الله تعالى للمحتاج، فهو صدقة.
ومن دفع إلى إنسان شيئاً للتقرب إليه، والمحبة له، فهو هدية.