للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أي ولا بأس بالزيادة على ما يستر مع التمكن، أي مع القدرة على وجود الزيادة، من غير مغالاة وغلو في الكفن، فإنه سيدخل في إضاعة المال وقد نهى - صلى الله عليه وسلم - عن قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال (١).

فالواجب هو ثوب واحد يستر جميع الجسد، والأكمل هو ما كُفِّنَ به النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد ورد أنه كُفِّنَ في ثلاثة أثواب يمانية بيض سَحُولِيَّةٍ من كُرْسُفٍ ليس فيهن قميص ولا عمامة (٢).

واليمانية، هي من صنع اليمن.

والسحولية، أي بيض نقية، وقيل نسبة إلى مدينة في اليمن.

والكرسف، قطن

هذا أكمل شيء، أما مجاوزة الثلاثة في الكفن والزيادة والمغالاة، فإنها من إضاعة المال.

قال: (ويُكَفَّنُ الشهيدُ في ثِيابِهِ التي قُتل فيها)

فقد فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك بشهداء أحد، كفنّهم بثيابهم التي قُتلوا فيها.

قال ابن قدامة في المغني: مسألة؛ قال: (ودفن في ثيابه، وإن كان عليه شيء من الجلود والسلاح نحي عنه) أما دفنه بثيابه، فلا نعلم فيه خلافاً، وهو ثابت بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ادفنوهم بثيابهم». وروى أبو داود، وابن ماجه، عن ابن عباس، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد والجلود، وأن يدفنوا في ثيابهم، بدمائهم. وليس هذا بحتم، لكنه الأولى ... انتهى باختصار.

قال رحمه الله: (ونُدِبَ تَطْيِيبُ بَدَنِ الميِّتِ وكَفَنُهُ)

أي ويستحب تطييب جسد الميت وتطييب كفنه إلا إذا كان الميت محرماً، فقد جاء في حديث الذي وقصته ناقته وهو محرم فقتلته، قال: «ولا تمسوه بطيب فإنه يُبعث ملبياً» (٣)، فنهى أن يُطيّبوا من كان مُحرِماً، لأن الطيب يَحرُم على المُحرِم، فلا يجوز استخدامه واستعماله له، فإنه سيبعث يوم القيامة ملبياً.


(١) أخرجه البخاري (٢٤٠٨)، ومسلم (٥٩٣) عن المغيرة بن شعبة، وأخرجه مسلم في «صحيحه» (١٧١٥) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) أخرجه البخاري (١٢٦٥)، ومسلم (١٢٠٦).

<<  <   >  >>