للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرَّهنُ في اللغة: الثبوت والدوام، يقال: ماء راهن؛ أي راكد، فهو ثابت.

ومن معانيه: الحبس؛ كما في قول الله تبارك وتعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدّثر/٣٨]، أي محبوسة في الموقف حتى تُسأل عن أعمالها في الدنيا.

وأما في الشرع: فهو المال الذي يُجعل وثيقةً بالدَّيْن؛ ليُسْتَوفَى من ثمنه إن تعذر استيفاؤُه ممن هو عليه.

أي حتى يكون ضماناً مالياً للدَّيْن، فإذا لم يستطع صاحب المال استرجاع ماله ممن أقرضه؛ أخذ حقه من الرهينة التي عنده، فيباع الرهن ويأخذ حقه منه، وإذا زاد شيئاً رده لصاحبه.

هذا عند حلول أجل الدين المتفق عليه بينهما، وأما قبل وقت سداد الدين المتفق عليه؛ فتكون الرهينة أمانة في يده لا يحق له التصرف فيها.

كأن يأتي شخص مثلاً يريد من زيد قرضاً مائة ألف دينار، وزيد يخشى إن أعطى الرجل مائة ألف أن لا يرد له ماله، فيقول له: ارهن لي شيئاً عندي، فيرهن له مثلاً بيتاً أو سيارة أو ما شابه.

هذا يسمى رهناً، فيأخذ البيت أو السيارة ويتفقان على مدة معيَّنة، إذا جاء ذاك الوقت رد المال الذي اقترضه ويأخذ ما رهنه عند المرتهن، فإذا لم يحضر المال في الوقت المتفق عليه؛ جاز لزيد أن يرفع الأمر إلى القاضي كي يبيع القاضي البيت أو السيارة ويأخذ زيد حقه منه، وما زاد يرده إلى صاحب البيت أو السيارة.

قال المؤلف: (يَجوزُ رهنُ ما يَملِكُهُ الرَّاهِنُ في دَيْنٍ عَليهِ)

يجوز للذي يريد أخذ دَيْنٍ أن يَرهنَ أيَّ شيءٍ من ماله الذي يملكه، ويقال له: (راهن).

والرهن جائز بالإجماع بالجملة (١)، والنبي صلى الله عليه وسلم مات ودرعه مرهونة عند يهودي بشعير أخذه من اليهودي، كما قالت عائشة رضي الله عنها (٢).


(١) مراتب الإجماع لابن حزم (ص ٦٠).
(٢) أخرجه البخاري (٢٩١٦)، ومسلم (١٦٠٣).

<<  <   >  >>