للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا دليلٌ على صحة الرهن في الحضر يعني في غير سفر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رهن درعه ولم يكن مسافراً.

وأما الرهن في السفر؛ فجاء فيه قول الله تبارك وتعالى: {وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِباً فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ} [البقرة: ٢٨٣] فخصه بعض أهل العلم بالسفر.

قال النووي رحمه الله: وفيه جواز الرهن، وجواز رهن آلة الحرب عند أهل الذمة، وجواز الرهن في الحضر، وبه قال الشافعي ومالك وأبو حنيفة وأحمد والعلماء كافة؛ إلا مجاهدًا وداود، فقالا: لا يجوز الرهن إلا في السفر؛ تعلقًا بقوله تعالى {وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبًا فرهان مقبوضة} [البقرة: ٢٨٣] واحتج الجمهور بهذا الحديث، وهو مقدم على دليل خطاب الآية. انتهى. والله أعلم

قال المؤلف: (والظَّهرُ يُركَبُ، واللَّبنُ يُشرَبُ؛ بنفقةِ المَرهُون، ولا يَغْلَقُ الرَّهنُ بما فيه)

قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه البخاري: «الرَّهْنُ يُركب بنفقتهِ إذا كان مَرهُوناً، ولبنُ الدَّرِّ يُشرب بنفقته إذا كان مرهوناً، وعلى الذي يَركب ويَشربُ النفقة» (١).

أي المُرتَهِن-المُرتهِن هو الذي أخذ الرهن- له أن يركب ظهر الدابة المرهونة عنده من فرسٍ أو حمار أو ناقة أو غير ذلك، وله أن يحلب البقرة والشاة وينتفع بلبنها.

هذا مقابل إنفاقه عليها.

فإذا لم تكن في الرهن نفقة؛ فلا يحل له استعمالها، كالسيارة مثلاً، لا تحتاج نفقة؛ فلا يحل له استعملها.

وقد اختلف أهل العلم في جواز انتفاع آخذ الرهن بالرهن بحلبه وركوبه، من غير إذن مالك الرهن، ظاهر الحديث يدل على الجواز، أخذ به أحمد في رواية عنه وإسحاق وغيرهما، وخالفهم الجمهور.

قال أهل العلم: وفيه حجة لمن قال: يجوز للمرتهن الانتفاع بالرهن إذا قام بمصلحته ولو لم يأذن له المالك.

وهو قول أحمد وإسحاق وطائفة، قالوا: ينتفع المرتهن من الرهن بالركوب والحلب بقدر النفقة، ولا ينتفع بغيرهما لمفهوم الحديث.


(١) أخرجه البخاري (٢٥١٢).

<<  <   >  >>