للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يميناً، والأخرى: حَلْف الرجل على الشيء يرى أنه حلف عليه، ثم لا يكون كذلك .... انتهى باختصار.

قال المؤلف رحمه الله: (ومِن حَقِّ المسلمِ على المسلمِ إبْرارُ قَسمِهِ)

إبرار القسم هو أن يعمل بما حلف عليه صاحبه، فتبرّ قسمه، كأن يقول لك صاحبك: والله لتأكلن، فيستحب لك الأكل لكي لا يحنث في يمينه.

فهو سنة مستحبة إذا لم يكن فيه مفسدة أو خوف ضرر أو نحو ذلك، فإن كان شيء من هذا لا يَبر قسمه، لا يلزمه أن يبر قسمه إذا حصلت مفسدة من ورائه، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أبي بكرٍ الصديق لما عبَّرأبو بكر الصديق الرؤيا، قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أصبت بعضاً وأخطأت بعضا»، قال أبو بكر: فوالله يا رسول الله لتحدثني ما الذي أخطأت؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - «لا تقسم» (١). فلم يخبره بذلك، فلم يبر قسمه، لوجود مفسدة من وراء ذلك، ذكر معنى ما ذكرناه النووي في شرح مسلم.

ودليل استحباب إبرار القسم قول البراء رضي الله عنه: «أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - بسبعٍ ونهانا عن سبع: أمرنا باتباع الجنائز، وعيادة المريض، وإجابة الداعي، ونصر المظلوم، وإبرار القسم، ورد السلام، وتشميت العاطس ... » (٢).

قال المؤلف رحمه الله: (وكَفَّارةُ اليمينِ هي ما ذَكرَهُ اللهُ في كِتابِهِ العزيزِ)

يعني من لزمه كفارة يمين فعليه الكفارة التي ذكرها الله في كتابه، كفارة اليمين الواجبة عليه هي التي ذكرها الله في القرآن.

قال تعالى: {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} [المائدة/٨٩].

هذه الآية بينت لنا كفارة اليمين كيف تكون، فقال: فكفارته إطعام عشرة مساكين. هنا المسكين أُفرد بالذكر، نحن ذكرنا في كتاب الزكاة أن الفقير والمسكين كلمتان إذا اجتمعتا افترقتا، وإذا افترقتا اجتمعتا، هنا حصل الافتراق فيكون الفقير والمسكين بمعنى واحد وهو من لا يملك كفايته.

فمن لا يملك كفايته يكون ممن يصح يستحق الكفارة.

فكفارته إطعام عشرة مساكين، ولا بد أن يكون هؤلاء المساكين عشرة، لا ينفع أن تطعم واحداً عشر مرات، لا بد أن يكونوا عشرة؛ لأن الله سبحانه وتعالى نصَّ على العشر.


(١) أخرجه البخاري (٧٠٤٦)، ومسلم (٢٢٦٩) من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
(٢) أخرجه البخاري (١٢٣٩)، ومسلم (٢٠٦٦) من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه.

<<  <   >  >>