للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والشاهد قوله: «ولا قبراً مشرفاً إلا سويته»، أي لا تجد قبراً مرتفعاً عن الأرض إلا جعلته مستوياً بالأرض.

ولكن جاء في الحديث الصحيح ما يدل على جواز رفع القبر عن الأرض قَدْرَ شبر, وأن قبور الصحابة كانت مُسَنَّمَةً، أي أنها مصنوعة كالسنام.

فنقول: نعم ولكنها لا تُرْفَعُ أكثر من شبرٍ واحدٍ فقط، وهذا هو المشروع في القبور.

أما ما نراه اليوم من بناء عالٍ كالغرف، أو أن تزرع الأشجار والزهور فيكون القبر كالحديقة فليس أمراً مشروعاً البتة ولم يأمرنا به - صلى الله عليه وسلم -.

قال- رحمه الله -: (والزيارة للموتى مَشْروعَةٌ)

لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها» (١)

أي أن زيارة الميت كانت بدايةً محرمة , ثم بعد ذلك نسخ هذا الحكم وأُمر بها , والأمر يكون هنا على الجواز لا على الوجوب، لأنه جاء بعد تحريم.

وقد استأذن نبينا - صلى الله عليه وسلم - رب العزة في زيارة قبر أمه فأَذن له (٢)، فيدلُّ ذلك على أن زيارة القبور جائزة.

وقد بيَّن لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حكمة زيارة القبور، فقد جاء في «صحيح مسلم» (٣): «زوروا القبور فإنها تذكر الموت».

وذلك لأن المرء إذا ذهب هناك ورأى القبور وتذكر أن الأموات كانوا يوماً ما أحياء يعيشون كما يعيش هو، تذكر أن مآله هو مآلهم، وسيكون من أصحاب القبور , وإما أن يكون في حفرة من حفر النار, أو في روضة من رياض الجنة، فيعمل لما هو آت.

مسألة: هل الرجال والنساء في مشروعية زيارة القبور سواء؟


(١) أخرجه مسلم (١٩٧٧).
(٢) أخرجه مسلم (٩٧٦).
(٣) أخرجه مسلم (٩٧٦).

<<  <   >  >>