للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والدليل على هذا الصنف، أنه قد ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في أكثر من حديث أنه كان يستعيذ من الفقر (١) وفي نفس الوقت كان يدعو ويقول: «اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً» (٢) وفي رواية: «كفافاً»، والرواية عند مسلم (٣)، والمعنى كما قال أهل العلم: «ما يسد الرمق»، وقالوا: هو ما تُكَفُّ به الحاجات ويَدْفَعُ الضرورات والفاقات، ولا يلحق بأهل الترفهات، فلا يكون فيه فضول يخرج إلى الترف.

فاستعاذته - صلى الله عليه وسلم - من الفقر مع طلب الكفاية يدل على أن من ملك الكفاية ليس بفقير.

فأثبتنا بذلك درجة وسطى ما بين الفقير والغني.

فالضابط عندنا في الفقير الذي تجوز عليه الزكاة، هو من لم يملك كفايته.

هل يجوز أن يكون الشخص له راتب مقداره أربعمائة أو خمسمائة دينار، ويكون مسكيناً مستحقاً للزكاة؟

نعم يجوز، فإن من أرباب العائلات من يتقاضى مثل هذا الراتب ولكنه لا يساوي شيئاً بالنسبة لحاجات عائلته، فهذا يُعطى من الزكاة.

فالضابط إذن ليس بالقدر الذي يتقاضاه الشخص، ولكن الضابط بالكفاية حسب العرف.

أي لا يصح للشخص أن يبذر ويسرف ثم يقول ليس عندي كفايتي، ولكن ينظر مثله كم ينفق عادة، ويحدد على حسبه.

(والعاملين عليها) وهم العاملون على الزكاة كما قال الله تعالى في الآية، وهم الذين يوليهم الإمام أو نائب الإمام جمع الزكاة أو صرفها في مصارفها، فإنهم يُعْطَون أجرة عملهم وهو جمعهم للزكاة، سواء كانوا أغنياء أو فقراء.

(والمؤلفة قلوبهم) وهم قوم يراد جمع قلوبهم على الإيمان، إما أن يكونوا ضعاف الإيمان وفي تقوية إيمانهم خير ومنفعة للإسلام، أو أن يكونوا فقراء كفاراً وفي إيمانهم خير للإسلام والمسلمين، فيعطون من هذه الزكاة لتأليف قلوبهم للإسلام.


(١) أخرجه أحمد في «مسنده» (٨٠٥٣)، وأبو داود (١٥٤٤)، والنسائي (٥٤٦٠)، وابن ماجه (٣٨٤٢) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) أخرجه البخاري (٦٤٦٠)، ومسلم (١٠٥٥) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٣) أخرجها مسلم (١٠٥٥).

<<  <   >  >>