للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما القارنُ والمفرِدُ، فلا يتحللان.

حتى إذا كان يوم التروية الذي هو اليوم الثامن من ذي الحجة أَهَلَّ بالحج، فقال: «لبيك بحج» من مكة - من مكانه الذي هو فيه -.

ففي «الصحيحين» قال - صلى الله عليه وسلم -: «أَحِلُّوا من إحرامكم بطوافِ البيتِ وبين الصفا والمروة، وقصِّروا، ثم أقيموا حلالاً حتى إذا كان يومَ التروية، فأهِلُّوا بالحجّ» (١). إذن بعد السعي، يُقَصِّر المتمتع شعره، فيتحلل التحلل كلَّه إلى اليوم الثامن من ذي الحجة، وهو يوم التروية، فيُلبي ويقول: «لبيك بحجّ»، ثم يبدأ بحجّه فينطلق إلى منى.

قال رحمه الله: (وتَوَجَّه إلى منى وصلِّ بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر)

لما جاء في حديث جابر في «صحيح مسلم» قال: «فلما كان يومُ التروية توجهوا إلى منى، فأهلّوا بالحجّ، وركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس ... » (٢) الحديث.

أي ينطلق يوم التروية إلى منى - وهو جبل - ويصلي فيه الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ويبقى إلى أن تطلع الشمس، ثم ينطلق إلى عرفة.

وهذا المبيت بمنى سنة وليس فرضاً، ولا نعني بأنه سنة أن يُهمَل ويُترك كما تفعل بعض بعثات الحج، فتترك هذا النُسك تماماً نظراً لأنه سنة، فإنهم ينطلقون إلى عرفة مباشرة.

فهذا الفعل خطأ مخالف لسنة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإن النسك وإن كان سنة، لكن لا يجوز التفريط فيه بهذا الشكل، يحرمون الناس من العمل بهذه السنة.

يُصلي الحاج الصلوات المذكورة، وهي الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر في منى، فيَقْصُر الصلوات التي تُقصَر وهي الظهر والعصر والعشاء، قصراً بلا جمع.

هذا ما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما جمع - صلى الله عليه وسلم - في عرفة وفي مزدلفة، أمّا في منى فلم يجمع - صلى الله عليه وسلم -، فلا جمع.


(١) أخرجه البخاري (١٥٦٨)، ومسلم (١٢١٦).
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <   >  >>