للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما إذا كانت المرأة هي المشركة والرجل كتابي ثم أسلم الرجل؛ ينفسخ النكاح؛ لأن نكاح المشركة لا يجوز.

ونعني بالكتابية والكتابي؛ أن يكون من أهل الكتاب: اليهود والنصارى.

وقوله: (وتجب العدة).

العِدَّة هنا عدة الفسخ، ليست عدة الطلاق على الصحيح من أقوال أهل العلم؛ أن الفسخ عدته ليست عدة طلاق.

فلا يُطلب منها أن تعتد عدة طلاق: ثلاث حيضات؛ بل يُطلب منها فقط أن تحيض حيضة واحدةً وتطهر استبراءً للرحم - أي حتى نتحقق من عدم وجود حمل -؛ لأنه ليس طلاقاً وإنما هو فسخ، جاء عن ابن عباس في صحيح البخاري قال: «كان إذا هاجرت امرأة من أهل الحرب لم تُخطب حتى تحيض وتطهر؛ فإذا طهُرَت حَلَّ لها النكاح، وإن جاء زوجها قبل أن تَنكح رُدَّت إليه» (١) أي جاء مسلماً.

يعني إذا كانت المرأة قد أسلمت وكان زوجها مشركاً فلا يخطبها أحد حتى تحيض حيضة وتطهر، ثم بعد ذلك لها أن تتزوج، فإن تزوجت انتهى الأمر حتى وإن جاء زوجها وأسلم فلا ترجع إليه، أما إذا لم تتزوج فيجوز لزوجها أن يرجعها متى جاء مسلماً، ولا تتقيد بعدة ولا غيرها كما سيأتي إن شاء الله.

قال المؤلف: (فَإِنْ أَسْلَمَ وَلَمْ تَتَزَوَّجِ المَرْأَةُ؛ كَانَا عَلَى نِكَاحِهِما الأَوَّلِ، وَلَوْ طالَتِ المُدَّةُ إِذا اخْتَارَا ذَلِكَ)

إذا أسلمت المرأة وبقي الرجل مشركاً فتستبرئ بحيضة، تحيض حيضة ثم تطهر ثم بعد ذلك إذا شاءت تزوجت وإذا شاءت أن تنتظر زوجها حتى يسلم انتظرت، فإن انتظرته ولم تتزوج ثم أسلم وجاء فتُرَد المرأة إليه من غيرعقد جديد ولو طالت المدة، دليل ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رَدَّ ابنته زينب على أبي العاص بالنكاح الأول (٢) ولم يُحدث شيئاً، وكان ذلك بعد سنتين من إسلامها؛ فقد أسلمت قبل زوجها بسنتين.


(١) أخرجه البخاري (٥٢٨٦)
(٢) أخرجه أحمد (٢٣٦٦)، وأبو داود (٢٢٤٠)، والترمذي (١١٤٣)، وابن ماجه (٢٠٠٩) عن ابن عباس - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>