للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يستدل المصنف وغيره ممن يقول بعدم الوقوع، بأن مثل هذا الطلاق مخالف لشرع الله -تبارك وتعالى-، فلا يندرج تحت العمومات التي وردت في الطلاق، وكذلك بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» (١) أي عمله هذا مردود غير معتد به وهو غير معتبر في الشرع.

وأما الجمهور الذين قالوا بأن الطلاق البدعي يقع فاستدلوا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمر: "مره فليرجعها".

فأمَر ابن عمر بإرجاعها بعدما طلقها طلاقا بدعيا، وأمْره بالإرجاع يدل على وقوع الطلاق، وهو ظاهر اللفظ، وبذلك فهمه ابن عمر فكان يفتي بوقوع الطلاق، وهو صاحب القصة.

ولعل هذا القول أرجح. والله أعلم.

قوله (وما فوق الواحدة إذا لم يتخلله-أي الطلاق- رجعة خلاف).

أي إذا قال الرجل لزوجته: أنتِ طالقٌ طالقٌ طالق، مباشرة، أو قال لها: أنتِ طالقٌ ثلاثاً في نفس اللحظة من دون أن يرجعها، أي دون أن يطلقها ثم يرجعها ثم يطلقها ثم يرجعها ثم يطلقها.

هذه المسألة أيضاً من المسائل التي اختلف فيها العلماء اختلافاً كثيراً؛ أتقع ثلاث طلقات أم تقع طلقة واحدة؟ أم لا تقع شيئاً أصلاً؟

والصحيح أنها تقع واحدة فقط، فهذا الذي كان في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كما جاء في «صحيح مسلم» عن ابن عباس: «أن أبا الصهباء قال لابن عباس: أتعلم إنما كانت الثلاثة تُجعل واحدة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكرٍ وثلاثاً من إمارة عمر؟ قال ابن عباس: نعم» (٢) فهذا يدل على أنها كانت على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأيضاً في عهد أبي بكر وفي بداية عهد عمر -رضي الله عنهم-، الثلاث واحدة، فهذا هو المعتبر وهو الصحيح إن شاء الله.

قال المؤلف -رحمه الله -: (فصل: ويَقَعُ بالكِنايَةِ مَعَ النِّيةِ)


(١) أخرجه مسلم (١٧١٨) وعلقه البخاري في «صحيحه» بهذا اللفظ.
(٢) رقم (١٤٧٢).

<<  <   >  >>