للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: ولا يجوز التفريق بين المحارم.

أي عند بيع العبيد والإماء المملوكين، كأن يفرِّق الشخص بين الأختين أو بين الأخوين أو بين الأم وابنها أو بين الأب وابنه، هؤلاء كلهم من المحارم فلا يجوز التفريق بينهم على ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله.

استدل المؤلف ومن قال بقوله بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ فرَّق بين والدة وولدها فرَّق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة «(١) أخرجه أحمد والترمذي وغيرهما من حديث أبي أيوب الأنصاري وهو حديث ضعيف.

وكذا حديث علي» أمرني النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أبيع غلامين أخوين، فبعتهما وفرَّقت بينهما، فذكرت ذلك له فقال: أدركهما فارتجعهما ولا تبعهما إلا جميعاً «(٢) يعني مع بعضهما لا تفرِّق بينهما.

أخرجه أحمد وابن خزيمة والحاكم وغيرهما وهو ضعيف أيضاً.

وفي حديث أبي موسى قال: » لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من فرَّق بين الوالدة وولدها وبين الأخ وبين أخيه «(٣)

أخرجه ابن ماجه وهو ضعيف.

ورويت أحاديث أخرى مرفوعة.

والخلاصة أنه لا يصح عندي شيء في هذا الباب عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

ولكن نقل أهل العلم اتفاق الفقهاء على منع البيع الذي يؤدي إلى التفريق بين الأم وولدها الصغير، التفريق بين الأم وولدها الصغير وليس بين المحارم كلهم، لم يتفقوا على هذا، إنما الاتفاق حصل فقط على منع التفريق بين الأم وابنها الصغير في البيع رحمة به لحاجته إليها.

قال ابن المنذر رحمه الله في كتابه «الأوسط» وهو من أنفس كتب الفقه الذي يسمى اليوم بالفقه المقارَن، فقه مبني على طريقة أهل الحديث، فقه سلفي بمعنى الكلمة.

قال: وأجمع كل مَنْ نحفظ عنه من أهل العلم على التفرقة بين الولد وبين أمه، والولد طفلٌ


(١) أخرجه أحمد (٢٣٤٩٩)، والترمذي (١٥٦٦). قال ابن عبد الهادي في المحرر (٨٥٧): رواه أحمد والترمذي وحسنه، والدارقطني والحاكم وقال: (صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)؛ وفي قوله نظر: فإنه من رواية: حيي بن عبد الله، ولم يخرج له في الصحيح شيء، بل تكلم فيه البخاري وغير واحد وقد روي من وجه آخر منقطع. انتهى وانظر «البدر المنير» (٦/ ٥١٩).
(٢) أخرجه أحمد (٧٦٠)، والترمذي (١٢٨٤)، وابن ماجه (٢٢٤٩)، انظر علته في «البدر المنير» (٦/ ٥٢١).
(٣) أخرجه ابن ماجه (٢٢٥٠)، وقال البيهقي بعدما أخرجه من طريق إبراهيم: إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع هذا لا يحتجُّ به.

وقال الزيلعي في "نصب الراية" (٤/ ٢٥): وذكر الدارقطني فيه اختلافاً على طليق، فمنهم من يرويه عن طليق عن أبي بردة عن أبي موسى، ومنهم من يرويه عن طليق عن عمران بن حصين، ومنهم من يرويه عن طليق عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً، وهكذا ذكره عبد الحق في «أحكامه» من جهة الدارقطني، ثم قال: وقد اختلف فيه على طليق، فرواه إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع عن طليق عن أبي بردة عن أبي موسى، ورواه أبو بكر بن عياش عن التيمي عن طليق عن عمران بن حصين، وغير ابن عياش يرويه عن سليمان التيمي عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً، وهو المحفوظ عن التيمي، انتهى كلامه.
قال ابن القطان: وبالجملة فالحديث لا يصح، لأن طليقاً لا يعرف حاله، وهو خزاعي، انتهى كلامه. انتهى من نصب الراية.

<<  <   >  >>