للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيبقى، ويستحق الغاصب النفقة التي أنفقها على الزرع من مؤنة السقي وثمن البذور وغير ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من زرع في أرض قومٍ بغير إذنهم؛ فليس له من الزرع شيء وله نفقته» (١). أخرجه أبو داود وغيره.

هذا قول من أقوال أهل العلم، وهو قولٌ ناشئ عن صحة الحديث الذي ذكرناه، ولكن الحديث ضعيف.

والذي عليه عامة الفقهاء: أن الزرع لصاحب البَذر.

وعلى الغاصب كراء الأرض فيدفع أجرتها، أي يبقى الزرع للغاصب، ولكنه يدفع أجرة الأرض التي استعملها، إن رضي صاحب الأرض، وأما إذا لم يرض؛ أُمر الغاصب بإخراج البذر منها، ويتحمل تكاليف أي نقص يحدث في الأرض.

فالبناء يهدم، والشجر يقلع، والزرع يلزم الغاصب بدفع أجرة الأرض إلى أن يحصد زرعهإن رضي صحاب الأرض، وإلا أمر بإخراج بذره، وتحمل تكليف أي نقص يحصل على الأرض.

قال ابن المنذر في الإشراف: وقال أحمد بهذا الحديث ما دام الزرع قائماً في الأرض، فإذا حُصِد فإنما لهم الأجر.

وفي قول الشافعي: إذا أدرك الزرع قبل أن يَشتَدّ؛ قلع، وعليه كراء المثل فيما مضى، وإن لم يدرك زرعاً حتى يُحصد، كان الزرع لصاحب البذر، وعليه كراء مثل الأرض في المدة التي أقامت في يده.

قال المؤلف: (ولا يَحِلُّ الانتفاعُ بالمَغصُوبِ، ومَن أتلفَهُ فعليهِ مثلُهُ أو قِيمته)

لا يحل الانتفاع بالمغصوب لما تقدم من الأدلة، فهي تدل على تحريم مال المسلم إلا بإذنه.

فإذا غصب أحد سيارة مثلاً، وأخذها من صاحبها بغير إذنه، لا يحل له استعمال السيارة؛ لأنها ملك لغيره، وغيره لم يأذن له في استعمالها، فمنفعة هذه السيارة محرمة عليه.

وأما من أتلف المغصوب فعليه مثله أو قيمته.

ما كان له مثلٌ في السوق من غيرفارق يعتد به؛ فيجب عليه أن يعوض صاحب المال بمثله.

وما ليس له مثل؛ يعوضه بقيمته.

يُنظر كم يساوي في السوق ويَدفع له الثمن.

لحديث أنس: أن عائشة كسرت إناءَ إحدى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وفيه طعام؛ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «طعام بطعام وإناء بإناء» (٢).


(١) أخرجه أحمد (٢٨/ ٥٠٧)، وأبو داود (٣٤٠٣)، والترمذي (١٣٦٦)، وابن ماجه (٢٤٦٦)، وبين البيهقي ضعفه في السنن الكبرى (٦/ ٢٢٥)، ومعرفة السنن والآثار (٨/ ٢٨٩).
(٢) أخرجه الترمذي (١٣٥٩) بهذا اللفظ، وأصله في الصحيح.

<<  <   >  >>