للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا رجل قد دبَّر مملوكه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، فلما احتاج باعه عليه الصلاة والسلام، فيجوز التدبير، ويجوز بيع المدبَّر عند حاجة المالك.

قال المؤلف رحمه الله: (ويجوزُ مُكاتبةُ المملوكِ على مالٍ يُؤدِّيه؛ فيصيرُعندَ الوفاءِ حرّاً، ويُعتَقُ منه بقدرِ ما سلَّمَ، وإذا عَجَزَعن تَسليمِ مَالِ الكِتابةِ؛ عادَ في الرِّقِّ)

المكاتَب هو: العبد الذي يُكاتِب على نفسه بثمنه.

يعني يعقد عقداً بينه وبين سيده على أنه إذا دفع مبلغاً من المال يتفقان عليه؛ صار حراً.

قال المؤلف: ويجوز مكاتبة المملوك على مالٍ يؤديه: يجوز أن يكاتب السيد - المالك- يكاتب مملوكه على مبلغٍ من المال يؤديه، فإذا أدّاه صار حرّاً.

ودليل المكاتبة: قول الله تبارك وتعالى {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: ٣٣].

وحديث عائشة المتقدم في قصة بريرة.

فيصير عند الوفاء حرّاً: أي عندما يوفِي المبلغ، أي يدفع المال المتفق عليه كاملاً يصير المملوك حراً.

ويُعتَق منه بقدر ما سلَّم: أي أن المملوك المكاتب إذا دفع نصف ما عليه مثلاً، صار نصفه حراً ونصفه عبداً، وإذا دفع الثلث صار ثلثه حراً وثلثاه عبداً .. وهكذا.

هذا معنى كلام المؤلف، لكن هذا الكلام غير صحيح، فهو مبني على حديث ضعيف؛ وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الْمُكَاتَبُ يُعْتقُ منه بِقَدْرِ مَا أَدَّى، وَيُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِقَدْرِ مَا أعتِقَ مِنْهُ، وَيَرِثُ بِقَدْرِ مَا أعتِقَ مِنْهُ» (١).

والحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم: «المكاتَب عبدٌ ما بقي عليه درهم» (٢).

إذاً لا يُعتق منه شيء حتى يؤدي جميع ما عليه، قبل ذلك هو عبد.

قال الترمذي رحمه الله: والعمل على هذا الحديث عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، وقال أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: المكاتب عبد ما بقي عليه درهم، وهو قول سفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.

قال المؤلف: وإذا عجز عن تسليم مال المكاتبة عاد في الرِّقِّ: هو أصلاً باقٍ في الرق ولم يخرج منه على الصحيح، فإذا عجز عن تسليم المكاتبة؛ بقي رقيقاً على حاله الأول. والله أعلم.

قال المؤلف رحمه الله: (ومَن استَولَدَ أمته؛ لم يَحِلَّ له بيعها؛ وَعَتَقَت بموته، أو بتخييرِهِ لِعتقِها)


(١) أخرجه أحمد (٣/ ٤١٥)، وأبو داود (٤٥٨١)، والترمذي (١٢٩٥)، والنسائي (٤٨١١).
(٢) أخرجه أحمد (١١/ ٥٤٠)، وأبو داود (٣٩٢٦)، والترمذي (١٢٦٠)، وابن ماجه (٢٥١٨)، بعضهم باللفظ المذكور، وبعضهم بلفظ: «أَيُّمَا عَبْدٍ كُوتِبَ عَلَى مِائَةِ أُوقِيَّةٍ، فَأَدَّاهَا إِلَّا عَشْرَ أَوَاقٍ، فَهُوَ رَقِيقٌ». وفي صحة الحديثين هذا والذي قبله نزاع؛ انظر البدر المنير (٩/ ٦٤٢)، والسنن الكبرى للبيهقي (١٠/ ٥٤٧).

<<  <   >  >>