للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبدأ الباب بذكر الآية التي نزلت بسبب قصة أسماء: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: ٨].

وبوَّب أيضاً رحمه الله: باب قبول الهدية من المشركين، وعلق مجموعة من الأحاديث التي تدل على جواز قبول الهدية من المشرك، ووصل حديث أنس، قال: أهدي للنبي صلى الله عليه وسلم جُبَّة سندسٍ -السندس نوع من أنواع الحرير- وكان ينهى عن الحرير، فعجب الناس منها -أي من حسنها وجمالها - فقال صلى الله عليه وسلم: «والذي نفس محمد بيده، لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا».

وفي رواية في الصحيحين: قال: «إنّ أُكَيْدِرَ دُوْمَة أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم .... الحديث» (١).

وأكيدر دومة، هو: ملك دُومة، اسمه أكيدر، كان كافراً، أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم وقبل منه صلى الله عليه وسلم الهدية.

وذكر البخاري رحمه الله موصولاً حديث اليهودية التي أهدت للنبي صلى الله عليه وسلم شاةً مسمومة فأكل منها صلى الله عليه وسلم (٢).

هذا يدل على جواز أكل طعام أهل الكتاب الكفار، وعلى جواز قبول الهدية منهم.

وليس هذا من الموالاة الكفرية كما يزعم الخوارج، فتنبهوا حفظكم الله، انظروا أفعال النبي صلى الله عليه وسلم، وما قاله لأسماء، هذا يدل على أن المولاة الكفرية والمحرمة لا تحصل بمثل هذا الفعل، فليست كل معاملة مع الكفار محرمة أو كفرية، يجب على المسلم التفقه في دينه، حتى يعلم ما يجوز وما لا يجوز من معاملتهم، وما يعد من الموالاة الكفرية وما لا يعد من ذلك، محل تفصيل ذلك أبواب الردة. والله أعلم.

قال المؤلف رحمه الله: (ويَحرُمُ الرُّجوعُ فيها)

يعني إذا أهديت شخصاً هدية وقبضها، أي أخذها منك؛ فلا يجوز لك أن تستعيدها منه؛ لأنها داخلة في الهبة التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: «العائد في هبته كالكلب يَقِيء ثم يعود في قَيئِه» (٣). متفق عليه.


(١) أخرجه البخاري (٢٦١٥ و ٢٦١٦)، مسلم (٢٤٦٩).
(٢) أخرجه البخاري (٢٦١٧)، مسلم (٢١٩٠).
(٣) أخرجه البخاري (٢٥٨٩)، مسلم (١٦٢٢).

<<  <   >  >>