للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي كما أنك تحب أن يكونوا جميعاً بارِّين بك بنفس الدرجة؛ كذلك أنت يجب أن تكون عادلاً ومساوياً بينهم من غير تفريق بينهم.

فهذا يدل على وجوب التسوية بين الأولاد في الهبة والهدية، والتسوية تكون بين الذكور والإناث لا كقسمة الميراث، فهنا النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بالتسوية بينهم، فقال له: «أَكُلَّ ولدك نحلته مثل هذا؟ » , والولد يشمل الذكور والإناث.

وأخذ بعض أهل العلم من هذا الحديث أن للأب أن يرجع في هبته لابنه خاصة.

تقدم أنه لا يجوز الرجوع في الهبة، لكن أخذ بعض أهل العلم من هذا الحديث أنه يجوز للأب أن يرجع في هبته التي أعطاها لابنه، من قول النبي صلى الله عليه وسلم له: «فارجعه»، فأرجَعه بعد أن أعطاه لابنه.

لكن هذا الاستدلال يمكن المنازعة فيه؛ لأنه ربما يكون النبي صلى الله عليه وسلم ألزمه بالإرجاع لأنها عطية باطلة.

ولكن ما يصح الاستدلال به لهذا القول؛ قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يحل للرجل أن يعطي العطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده» (١) الاستثناء الأخير هوالذي يدل على أن الوالد له أن يرجع في هبته لابنه.

وهل الأم كالأب؟ اختلف أهل العلم في ذلك، فبعضهم قال: هي مثله لها أن ترجع في هبتها لابنها؛ لأنها داخلة في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إلا الوالد فيما يعطي ولده» , والبعض قال: لا، الوالد غير الوالدة، ولكن قال الآخرون بأنها تلحق بالوالد بالمعنى؛ لأن الوالد له حق في مال الولد فلذلك جاز له أن يرجع في هبته، وكذلك الوالدة لها حق في مال ولدها فيجوز لها أن ترجع في هبتها، وهذا القول هو الصحيح إن شاء الله أنها تلحق بالوالد، فالخلاصة للوالد والوالدة الرجوع في هبتهما لأولادهما فقط. والله أعلم

قال المؤلف رحمه الله: (والرَّدُّ لغيرِ مَانعٍ شَرعيٍ مَكروه)

الرد أي رد الهدية إذا أهداك شخص هدية، فردُّها عليه مكروه لغير مانعٍ شرعي، فإذا وُجد المانع الشرعي جاز لك أن تردها، وربما وجب؛ كأن يهديك شخص هدية وأنت في عمل


(١) أخرجه البخاري (١٤٩٠)، مسلم (١٦٢٠).

<<  <   >  >>