للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما الرُّقْبى؛ فمأخوذة من المُراقبة؛ لأن كل واحد منهما: الذي أعطى الدار وساكنها؛ يَرقبُ الآخر متى يموت لترجع إليه، وكذا ورثته يقومون مقامه.

فهما حقيقة نوع من أنواع الهبة موقت بوقت.

وأما حكمهما فقال المؤلف: توجبان الملك لمن أعطيت له ولورثته من بعده، وتخرج من ملك صاحبها مطلقاً.

فإذا قال رجل للآخر: أعطيتك هذه الدار مدة حياتك، يقول: خرجت من ملك صاحبها مطلقاً وصارت ملكاً للثاني.

وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العمرى ميراث لأهلها» (١) أو قال: «العمرى جائزة» (٢) متفق عليه. وقال: «مَن أَعمَر عُمْرى فهي للذي أُعمِر حياًّ وميّتاً ولِعقِبه» (٣) هذا لفظ مسلم.

لكن ورد في حديث عند مسلم من حديث جابر ما يدل على أن المسألة فيها تفصيل وليست على إطلاقها.

قال جابر رضي الله عنه: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن أَعمَر رجلاً عُمَرى له ولِعَقِبه؛ فقد قَطَعَ قولُه حقَّهُ فيها، وهي لمن أُعمِر ولِعقِبه» (٤).

وفي رواية: «أيما رجلٌ أَعمَررجلاً عُمرى له ولعقبه، فقال: قد أعطيتكها وعقبك ما بقي منكم أحد؛ فإنها لمن أُعْطِيَهْا، وإنها لا ترجع إلى صاحبها؛ من أجل أنه أعطى عطاءً وقعت فيه المواريث» (٥).

وفي رواية قال جابر: إنما العمرى التي أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول: هي لك ولعقبك، فأما إذا قال: هي لك ما عشت؛ فإنها ترجع إلى صاحبها (٦).

هذا هو التفصيل: فرق بين أن يقول له: هي لك ما عشت، أو هي لك مدة حياتك، وبين أن يقول له: هي لك ولِعقبك من بعدك، فيذكر الأولاد.


(١) حديث جابر بلفظ مسلم (١٦٢٥)، وأخرجه البخاري (٢٦٢٥) بلفظ آخر.
(٢) أخرجه البخاري (٢٦٢٦)، مسلم (١٦٢٦).
(٣) لفظ مسلم (١٦٢٥).
(٤) لفظ مسلم (١٦٢٥).
(٥) لفظ مسلم (١٦٢٥).
(٦) لفظ مسلم (١٦٢٥).

<<  <   >  >>