للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالت عائشة: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا اغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه، ثم توضأ كما يتوضأ للصلاة، ثم يدخل أصابعه في الماء فيخلِّل بها أصول شعره، ثم يصبّ على رأسه ثلاث غرف بيديه، ثم يفيض على جلده كله».

وحديث ميمونة قالت: «وضعت للنبي - صلى الله عليه وسلم - ماءً فغسل يديه مرتين أو ثلاثاً، ثم أفرغ على شماله فغسل مذاكيره، ثم مسح يده بالأرض، ثم مضمض واستنشق أو غسل وجهه ويديه، ثم أفاض على جسده، ثم تحوّل من مكانه فغسل قدميه».

قال المؤلف - رحمه الله -: (ولا يكونُ شَرْعِيّاً إلا بالنية لِرَفْعِ مُوُجِبِهِ)

أي لا يكون الغسل غسلاً شرعياً إلا بعقد النية عليه، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ... الحديث» (١).

والغسل عبادة من العبادات، والموجب، أي: الذي أوجب الغسل، وهو ما تقدم من نزول المني والتقاء الختانين ... إلخ.

قال المؤلف - رحمه الله -: (ونُدِبَ تَقْدِيِمُ غَسْلِ أعضاءِ الوُضُوءِ إلا القَدَمَيْنِ)

لما تقدم من حديث عائشة وميمونة.

والدليل على أن الوضوء في الغسل ليس واجباً، حديث أم سلمة وجابر وغيرهما (٢).

وقد نقل أهل العلم الاتفاق على أن الوضوء لا يجب في الغسل، فقد قال النووي في كتابه «المجموع»: «الوضوء سنة في الغسل وليس بشرط ولا واجب، هذا مذهبنا، وبه قال العلماء كافة إلا ما حكي عن أبي ثور وداود، أنهما شَرَطاهُ، كذا حكاه أصحابنا عنهما».

ونقل ابن جرير الإجماع على أنه لا يجب (٣)، ثم ذكر الأدلّة على عدم وجوبه.

وقال الإمام الشافعي - رحمه الله -: «فرض الله تعالى الغسل مطلقاً لم يذكر فيه شيئاً يبدأ به قبل شيء، فكيفما جاء به المغتسل أجزأه إذا أتى بغُسل جميع بدنه» انتهى (٤).


(١) متفق عليه، تقدم تخريجه.
(٢) وقد تقدم تخريجهما.
(٣) «المجموع شرح المهذب» للنووي (٢/ ١٨٦).
(٤) «الأم» (١/ ٥٦).

<<  <   >  >>