للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نستدل على ذلك بحديث الذباب الذي في صحيح البخاري قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه فإن في إحدى جناحيه داء والأخرى شفاء» (١).

عندما يكون الإناء فيه ماء ساخن يغلي وتسقط الذبابة فيه تموت؛ فتنزعها من الإناء وتشرب ماءه.

دل ذلك على أنها ليست نجسة.

هذا دليل على أن مثل هذه الأشياء التي لا نفس لها سائلة إذا ماتت لا تكون نجسة، والذي يؤكل منها لا يحتاج إلى تذكية.

وقال المؤلف رحمه الله: (ويَحرمُ الأكلُ والشُّربُ في آنيةِ الذَّهبِ والفِضةِ)

تحريم الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة دليله حديث حذيفة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة» (٢) متفق عليه.

وهذا محل إجماع لا خلاف فيه أنه لا يجوز الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة.

وأخرج الشيخان من حديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم» (٣).

هذا الحديث يدل على أن هذا الفعل كبيرة من كبائر الذنوب.

ورخَّص بعض أهل العلم في الإناء يضبَّب بالفضة؛ لحدث أنس - رضي الله عنه - أن قدح النبي صلى الله عليه وسلم انكسر فاتخذ مكان الشَّعْبِ سَلسلة من فضة (٤) أخرجه البخاري.

يضبَّب بالفضة يعني يُصلَح الكسر بالفضة، يلحم الإناء بعضه ببعض بالفضة، هذا معنى التضبيب.

ويجوز التحلي بالذهب والفضة للنساء والأدلة عليها كثيرة.

وأما بقية الاستعمالات لآنية الذهب والفضة فقد اختلف فيها العلماء، اختلفوا في استعمال آنية الذهب والفضة في غير الأكل والشرب.

البعض ذهب إلى تحريم جميع الاستعمالات وهم جمهور أهل العلم وقاسوا الاستعمال على الأكل والشرب فألحقوا هذا بهذا بجامع الخيلاء أو التشبه بالكفار وهو الصواب لأن هذا التعليل أشار إليه حديث حذيفة.

والبعض لم يرتضِ هذا التعليل والقياس فقال: الأصل الحل، وعدم وجود الدليل الذي يدل على التحريم يُبقي الاستعمال على الإباحة في غير الأكل والشرب، وذكروا أدلة أخرى.


(١) أخرجه البخاري (٣٣٢٠).
(٢) أخرجه البخاري (٥٦٣٣)، ومسلم (٢٠٦٧).
(٣) أخرجه البخاري (٥٦٣٤)، ومسلم (٢٠٦٥).
(٤) أخرجه البخاري (٣١٠٩).

<<  <   >  >>