للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور/٣١]. وقال صلى الله عليه وسلم للذي رآه كاشفاً فخذه: «غطِّ فخذك فإن الفخذ عورة» (١).

وأجمع العلماء على وجوب ستر العورة عن العيون.

المقصود بالملإ: يعني أمام الناس، والمقصود بالخلاء: أي بينك وبين نفسك.

واختلف أهل العلم على قولين في ستر العورة في الخلاء.

بعضهم قال بالوجوب، وهو الذي ذهب إليه المؤلف، والبعض قال بالاستحباب.

واستدل من قال بالوجوب بحديث حكيم بن حزام عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله: عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ فقال: «احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك» قلت: فإذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال: «إن استطعت أن لا يراها أحد فلا يَرَيَنَّها» فقلت: فإذا كان أحدنا خالياً؟ قال: «فالله تبارك وتعالى أحق أن تستحي منه» (٢) أخرجه أحمد وأبو داود.

هذا ظاهره الوجوب، ولكن قال أهل العلم: هو على الاستحباب؛ لأن الله تبارك وتعالى لا يغيب عنه شيء من خلقه، سواء كانوا عراة أو غير عراة، ولهذا المعنى قالوا: الحديث يُحمل على الاستحباب لا على الوجوب.

وهذا القول الثاني هو الصحيح، وقد بوَّب الإمام البخاري رحمه الله على ذلك باباً في صحيحه. والله أعلم

قال المؤلف رحمه الله: (ولا يَلبسُ الرَّجُلُ الخالصَ من الحريرِ؛ إذا كانَ فوقَ أَربعِ أصابِعَ؛ إلا للتَّداوِي، ولا يَفترِشُهُ)

الأصل تحريم لبس الحرير على الرجال، وكذلك اتخاذه غطاء؛ لأنه نوع من اللباس، وكذلك افتراشه يحرم أيضاً، ومعنى افتراشه أن تنام عليه أو تجلس عليه.

لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تلبسوا الحرير؛ فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة» (٣) متفق عليه من حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -.

وفي حديث حذيفة عند البخاري: نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير والديباج - وهو نوع من الحرير- وأن نجلس عليه» (٤). فالجلوس عليه أيضاً منهي عنه.

وقول المؤلف: (إذا كان فوق أربع أصابع) يعني يجوز لبس الثوب فيه قطعة من الحرير، بشرط أن لا تتجاوز هذه القطعة قدر أربع أصابع.

ودليل ذلك ما جاء في حديث عمر في رواية عند مسلم قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير إلا موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع».


(١) أخرجه أحمد (١٥٩٣٢)، والترمذي (٢٧٩٨) من حديث جرهد - رضي الله عنه -.
(٢) أخرجه أحمد (٢٠٠٣٤)، وأبو داود (٤٠١٧)، والترمذي (٢٧٦٩)، وابن ماجه (١٩٢٠).
(٣) أخرجه البخاري (٥٨٣٤)، ومسلم (٢٠٦٩).
(٤) أخرجه البخاري (٥٨٣٧)، وأصله عند مسلم (٢٠٦٧).

<<  <   >  >>