للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للحديث المتقدم في صحيح البخاري قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «وما أحب الاكتواء»، وفي رواية في الصحيح: «وأنهى أمتي عن الكي» كذلك في حديث السبعين ألفاً المتقدم قال: «الذين لا يكتوون» متفق عليه، وقلنا بالكراهة لا بالتحريم؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كوى بعض أصحابه، من هذه الأحاديث ما هو في صحيح مسلم (١).

قال المؤلف رحمه الله: (ولا بَأسَ بالحِجَامةِ)

الحجامة مأخوذة من الحجم وهو المص، يقال: حجم الصبي ثدي أمه إذا مصه.

وهي إخراج الدم من البدن بواسطة المص بعد الشرط.

ولا بأس بها: أي هي مشروعة لأن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم كما جاء في الصحيحين (٢)، وقال صلى الله عليه وسلم: «الشفاء في ثلاث: في شربة عسل، وشرطة محجم، وكية نار، وأنهى عن الكي» (٣) أخرجه البخاري، وقال صلى الله عليه وسلم: «إن أمثل ما تداويتم به الحجامة والقسط البحري» (٤) متفق عليه.

والحجامة علاج وهي مباحة، ومستحبة عند الحاجة إليها.

ولا يصح في توقيتها شيء، لا في وقت استحبابها ولا في وقت كراهيتها.

قال البَرْذَعِيّ: شهدت أبا زرعة- الرازي- لا يثبت في كراهة الحجامة في يومٍ بعينه، ولا في استحبابه في يومٍ بعينه؛ حديثاً.

وقال ابن الجوزي: هذه الأحاديث ليس فيها شيء صحيح.

وقال العقيلي: وليس يثبت في التوقيت في الحجامة شيء في يومٍ بعينه، ولا في الاختيار في الحجامة والكراهية شيء يثبت.

وقال ابن عبد الهادي: ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء إلا أنه أمر بها.

وقال الحافظ ابن حجر: ولِكَوْنِ هذه الأحاديث -أي أحاديث التوقيت- لم يصح منها شيء؛ قال حنبل بن إسحاق: كان أحمد يحتجم أيَّ وقتٍ هاج به الدم، وأيَّ ساعة كانت.

هذه نقول عن غير واحد من علماء الحديث من أئمة هذا الشأن يضعِّفون جميع الأحاديث التي وردت في التوقيت في الحجامة، وأكثرت من النقل لأن أحاديث التوقيت انتشرت بين المسلمين اليوم وهي ضعيفة لا يحتج بها كما علمتم.


(١) أخرجه مسلم (٢٢٠٧).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) أخرجه البخاري (٥٦٩٦)، ومسلم (١٥٧٧).

<<  <   >  >>