للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعني بهذا الكلام أن من تكفل بدفع مالٍ عن شخص حي أو ميت؛ وجب عليه أن يدفع عنه متى طُلب منه المال.

وإذا كان المطلوب منه المال هو الذي أمره بكفالته، يعني الذي عليه الحق أصلاً هو الذي طلب منه أن يدفع عنه؛ فله أن يرجع بالمال عليه الذي دفعه عنه، بينما إذا كان متبرعاً بالدفع عنه فلا يحق له طلب المال منه.

بمعنى آخر بطريقة أسهل: زيد من الناس تكفل بدفع مالٍ عن عمرو، فطُلب المال، وجب على زيد هنا أن يدفع لأنه هو الذي تكفل.

هل يحق لزيد بعد ذلك أن يطلب المال الذي دفعه من عمرو؟

إن كان عمرو هو الذي طلب منه أن يكفله، فله حق بطلب المال منه، وإن لم يكن هو الذي طلب منه فلا حق له عنده.

دليل إلزام الكفيل والضامن بالضمانة قول النبي صلى الله عليه وسلم: «الزعيم غارم» (١) أخرجه أحمد وأبو داود. الزعيم: هو الكفيل. ومعنى غارم: أي ضامن، فكونه تكفَّل يضمن.

وأخرج البخاري من حديث سلمة بن الأكوع أن النبي صلى الله عليه وسلم امتنع من الصلاة على من عليه دين. شخص مات وأتوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم كي يصلي عليه صلاة الجنازة، فامتنع النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصلِّ عليه؛ لأنه كان عليه دين.

فقال أبو قتادة: صلِّ عليه يا رسول الله وعليَّ دينه، فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم (٢).

أبو قتادة ضمن فيلزمه قضاء الدين عن الميت.

قال المؤلف رحمه الله: (ومَن ضَمِنَ بِإحضارِ شخصٍ؛ وَجبَ عليهِ إحضارُهُ؛ وإلا غَرِمَ مَا عَلِيهِ (إذا ضمن شخص حضور شخص آخر عند القاضي مثلاً؛ فإما أن يحضره أو أن يدفع ما عليه من حقوق.

بمعنى أن زيداً مثلاً مطلوب، وعمرو ضمِن أن يأتي بزيد عند طلب الحق منه، وجب عليه في وقت طلبه أن يأتي بزيد، فإن لم يأتِ بزيد هو يقوم مقام زيد في دفع ما عليه من حقوق.


(١) أخرجه أحمد (٢٢٢٩٤)، وأبو داود (٣٥٦٥)، والترمذي (١٢٦٥)، وابن ماجه (٢٤٠٥)
(٢) أخرجه البخاري (٢٢٨٩).

<<  <   >  >>