فإذا أُتبِعَ أحدكم على مَليٍّ أي إذا قال من عليه الدَّيْن لصاحب الدَّيْن: اذهب إلى فلان وخذ مالك منه، وكان فلان غنياً؛ وجب عليه أن ينتقل إلى فلان ويأخذ منه دينه.
فَليَتبَعْ: هذا أمر من النبي صلى الله عليه وسلم لصاحب الدين أن ينتقل إلى الغني ويأخذ حقه منه.
قال المؤلف رحمه الله:(مَن أُحِيلَ على مَلِيٍّ فَليَحْتَل)
للحديث المتقدم:«مطل الغني ظلم فإذا أُتبع أحدكم على مليٍّ فليتبع».
ذهب جمهور العلماء إلى أن التحول إلى الغني مستحب، والبعض قال بالوجوب، أي يجب على صاحب الدين أن يتحول إلى الغني ويأخذ حقه منه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك، والأمر هنا لا صارف له، فيبقى على الوجوب، ومن ادعى الاستحباب وجب عليه أن يأتي بالدليل الصارف للأمر عن الوجوب إلى الاستحباب. والله أعلم
قال المؤلف رحمه الله:(وإذا مَطلَ المُحالُ عَليهِ أو أَفلسَ؛ كان للمُحال أن يُطالبَ المُحِيلَ بدَيْنِه (صورتنا ومثالنا الذي قدمناه، زيد له ألف دينار على عمرو، وعمرو حوَّل زيداً إلى بكر، وبكر رجل غني.
قال المؤلف هنا: إذا مطل المحال عليه، المحال عليه في مثالنا: بكر، إذا مطل يعني سوَّف وماطل: تعال غداً، تعال بعد أسبوع، تعال بعد شهر ... وهكذا، هذا يحصل اليوم كثيراً للأسف والله المستعان.
إذا مطل المحال عليه أو أفلس: إما ماطل في السداد أو أفلس كان غنياً ثم أفلس لم يعد غنياً، كان للمحال أن يطالب المحيل بدينه.
المحال زيد، والمحيل عمرو، فزيد هو صاحب الحق صاحب الدَّيْن، والدين على عمرو، فلما ثبت أن بكراً مماطل أو كان ملياً ثم أفلس؛ حُقّ لزيد أن يرجع إلى مطالبة حقه من عمرو، هذا معنى كلام المؤلف (كان للمحال أن يطالب المحيل بدينه)؛ لأن الدَّيْن باق في ذمة الأول الذي هو في مثالنا عمرو، فالدَّيْن باق في ذمته لم يخرج من ذمته بمجرد الحوالة، لا تبرأ ذمته إلا بتسليمه إما منه أو ممن أحال عليه.