للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال المؤلف رحمه الله): ولا بَأسَ بَأن يَنتفعَ المُلتقِطُ بالشيءِ الحَقيرِ؛ كالعَصا والسَّوطِ ونَحوِهما بعدَ التَّعريفِ بهِ ثَلاثاً)

يعني يجوز الانتفاع بالشيء الحقير التافه الذي لا قدر له في عرف الناس، من غير تعريفٍ به على الصحيح خلافاً للمؤلف الذي قال بالتعريف لمدة ثلاثة أيام؛ لحديث أنس في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بتمرة في الطريق فقال: «لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها» (١) ليس في الحديث ذكرٌ للتعريف مطلقاً.

وما احتج به المؤلف على التعريف ثلاثاً ضعيف لا يصح، وهو حديث: «مَنْ التقط لقطة يسيرة حبلاً أو درهماً أو شبه ذلك؛ فليعرِّفها ثلاثة أيام فإن كان فوق ذلك فليعرفه ستة أيام» (٢) وهو حديث كما ذكرنا لا يصح، وكذلك جاء في حديث أبي سعيد: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر علياً أن يعرِّف ديناراً وجده في السوق ثلاثة أيام (٣). وهو كذلك ضعيف لا يعتمد عليه.

وما في الصحيحين أولى بالاعتماد عليه وجعله أصلاً لهذا الباب.

والضابط في معرفة الحقير من غيره: العرف، العرف بين الناس اليوم: الدينار والديناران والثلاثة والخمسة دنانير أشياء حقيرة لا قيمة لها، ويختلف باختلاف البلدان والأزمان.

قال المؤلف رحمه الله): وتُلتقطُ ضَالةُ الدَّوابِّ إلَّا الإبلِ)

في آخر حديث زيد بن خالد المتقدم في الصحيحين، فقال الرجل: يا رسول الله: فضالة الغنم؟ قال: «خُذها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب» قال: يا رسول الله: فضالة الإبل؟ قال: فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى احمر وجهه ثم قال: «ما لك ولها؟ معها حذاؤها وسقاؤها حتى يلقاها ربها» فبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن ضالة الغنم وهي الضأن أو المعز إذا ضلت


(١) أخرجه البخاري (٢٤٣١)، ومسلم (١٠٧١).
(٢) أخرجه أحمد (١٣٢٧٦)، والبيهقي في السنن الكبرى (٦/ ٣٢٣) من حديث يعلى بن مرة، قال البيهقي: تفرد به عمر بن عبد الله بن يعلى، وقد ضعفه يحيى بن معين، ورماه جرير بن عبد الحميد وغيره بشرب الخمر. انتهى. قلت: وعمر هذا يرويه عن جدته حكيمة وهي مجهولة، انظر الضعيفة للألباني رحمه الله (٦٣٣٧).
(٣) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (١٠/ ١٤٢)، وأبو يعلى (١٠٧٣) وفي سنده راويان ضعيفان أبو بكر بن محمد بن أبي سبرة وضاع ولكنه متابع، وشريك بن عبد الله بن أبي نمرضعيف. وللحديث طرق أخرى ضعيفة ليس فيها التعريف، عند أبي داود وغيره، انظرها في البدر المنير (٧/ ١٥٨).

<<  <   >  >>