ثم قال:{إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا}[النور: ٥] هذا الاستثناء يرفع الحكم الثاني والثالث، فتقبل شهادته ويصير عدلاً بالتوبة.
قال المؤلف رحمه الله:(فِإن جَاءَ بَعدَ القَذفِ بِأربَعةِ شُهُودٍ؛ سَقطَ عَنهُ الحَدُّ، وهَكَذا إذا أَقرَّ المَقذوفُ بالزِّنا)
وذلك لأنه يثبت صدقه شرعاً فيما ادعاه فيسقط عنه الحد.
يسقط عنه الحد إذا قذف مسلماً بأحد أمرين: الأول أن يأتي بأربعة شهود وهو القدر الواجب من الشهود في إقامة حد الزنا.
والثاني أن يعترف المقذوف الذي رُمِي بالزنا، يعترف بأنه زنا.
بذلك يسقط عن القاذف الحد وإلا حُدَّ ثمانين جلدة.
بقي من هو المحصن الذي إذا رُمي بالزنا استحق راميه الحد إذا لم يقم البينة؟
هو المسلم العاقل البالغ الحر العفيف من الزنا.
فمن رمى كافراً بالزنا لا يحد؛ لأن الآية قُيدت بالإيمان، وكذلك الحديث، قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاَتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[النور: ٢٣]، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتقدم:«وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاَتِ»(١)
والزاني حقيقة الثابت عليه ذلك؛ مَنْ قذفه لا يُحَدّ؛ لأن الآية والحديث مقيدان برمي المحصنة الغافلة، وهي العفيفة الغافلة عن الزنا.
وكذلك لا حد على من رمى المجنون بالزنا؛ لأن مثله لا يدنسه الزنا ولا يلحقه عاره، فلا ضرر عليه.